﴿وَرَحْمَةً مِنَّا﴾: أي ولنجعل هذا الغلام رحمة منا عظيمة، لمن يؤمنون به ويهتدون بهديه، ويسترشدون بإرشاده، وفي ضمنه .. إيمانهم برسول من بعده اسمه أحمد ﷺ.
وقوله جل شأنه: ﴿وَكَانَ أَمْرًا مَقْضِيًّا﴾:
أي وكان خلق هذا الغلام بلا أب أَمرًا قضيناه وقدرناه أزلا، فهو مقضى كائن لا محالة، كقوله جل سلطانه: ﴿وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَقْدُورًا﴾ (١).
﴿فَانْتَبَذَتْ بِهِ مَكَانًا قَصِيًّا﴾: أي فاعتزلت به مكانا بعيدًا عن أهلها.
﴿فَأَجَاءَهَا الْمَخَاضُ﴾: فألجأَها أَلم الولادة وشدة أوجاعها. ﴿إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ﴾: الجذع هو الساق ليس عليها سعف ولا أَغصان. ﴿وَكُنْتُ نَسْيًا مَنْسِيًّا﴾: النِّسْىُ؛ الشيءُ التافه الذي شأنه أن ينسى لحقارته كالحبل والخِرَقِ البالية، والْمَنْسِىُّ المتروك المهمل لتفاهته، وهو تأكيد لما قبله.