لَمَّا ذكر -سبحانه- فيما قبلها (سورة الليل) قوله تعالى: "وَسَيُجَنَّبُهَا الأَتْقَى" وكان سيدُ الأَتقياءِ هو رسول الله ﷺ عقب -سبحانه- ذلك بذكر نعمه ﷿ على رسوله ﵊ في تلك السورة من قوله:(مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى) إِلى قوله: (وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى) وجاءَ في كتاب روح المعاني للآلوسي: وقال الإِمام: لَمَّا كانت السورة الأولى (سورة الليل) سورة أَبي بكر ﵁ وهذه سورة رسول الله ﷺ عقب ﷿ بها، ولم يجعل بينهما واسطة؛ ليعلم أَن لا واسطة بين رسوله ﷺ والصديق ﵁ وتقديم سورة الصديق على سورته ﷺ لا يدل على أَفضليته منه ﷺ أَلا ترى أَنه - تعالى - أَقسم أَولًا بشيءٍ من مخلوقاته -سبحانه- ثم أَقسم بنفسه ﷿ في عدة مواضع منها السورة السابقة على ما عرفت، والخدم تتقدم بين يدي السادة، وكثير من السنن أَمر بتقديمه على فروض العبادة، ولا يضر النَّوْرَ تأَخرُه عن أَغصانه، ولا السِّنَان كونه في أَطراف مُرَّانه (١)، ثم ما ذكر زهرة ربيع لا تتحمل الفرك كما لا يخفى.
[بعض مقاصد السورة]
١ - أَنها أَكدت -بالقسم- أَن رسول الله ﷺ لم يتركه ربه ولم يبغضه، وإِنما هو عنده في كريم المكانة، وجلال القدر ورفيع المنزلة:(وَالضُّحَى * وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى * مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى * وَلَلآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنْ الأُولَى).
٢ - أَنها جاءَت بما يثلج صدر الرسول ﷺ ويقر عينه؛ وذلك بأَن بشرته بأَن عطاءَ ربّه له عظيم، فسيعطيه ويمنحه ما يرضيه:(وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى).