المقدس قبلتهم إلى استقبال الكعبة، كما مرَّ في سبب النزول، وهم الذين نزل فيهم الوعيد الآتي.
والمعنى: وإن الذين أُتوا الكتاب، وأّثاروا الفتنة في شأن تحويل القبلة، ليعلمون يقينًا أّنَّ تحويلَها هو الحق من ربهم، وأنه منزل من الله، فما بالهم يثيرون الفتنة بشأنه؟ فهم يعلمون من كتبهم: أَنَّ لكل دين قِبْلةً، وأنك صادق لا تنطق إلا بالحق الذي يصدر عن ربهم. وكما يعلم اليهود ذلك من كتابهم، يعلمه النصارى من كتابهم أيضًا.
والآية مؤَكدة بعدة مؤَكدات، هي: إنَّ وأَنَّ واللام، وذكر الحق ونسبته إلى الرب - سبحانه - لتقرير أنه وحي من الله.
﴿وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ﴾: أي أن الله لا يخفى عليه ما يدبره أهلُ الكتاب، من الكيد للإسلام، وسيحاسبهم عليه حسابًا عسيرًا، لأنهم يعلمون الحق، ويكتمون ما يعلمون هذا، وفي قراءَةٍ (تَعْمَلُونَ). والخطاب للمسلمين الذين يستمعون إلى أقوالهم ويتأثرون بها، فيكون - على كلا المعنيين - إنذارًا من الله للمحرِّفين والمنحرفين.
ومن هذا يُسْتَنْبَط: أَنَّ الإصغاءَ للأَراجيفِ والشائعاتِ الضارة، لا يحل للمسلمين.