يخبر الله بهذه الآية عن نقص الإنسان من حيث طبيعته في حالتي الرخاء والشدة، فإذا أنعم عليه بمال وصحة، وفتح ونصر، ونال كل مآربه أو بعضها، أعرض عن طاعة خالقه، وبعد عن عبادته، وإذا مسه شر، أو نزلت به كارثة، بالغ في اليأس من رحمة الله - وتمادى في الجزع، فالآية نزلت تذكر منهجًا عامًّا سلكه جنس الإنسان عند ممارسته لشئون الحياة، وقيل نزلت في الوليد بن المغيرة.
والمعنى: وإذا أنعم الله على الإنسان بالصحة وبسط له كل أَسباب النعمة والقوة لم يذكر فضل الله عليه كأنه ومستغن عنه، وبدل أن يقوم بشكره، ويذل لسلطانه، تكبر وتباعد، وطوى عن الطاعة عنقه وأعطاها عرض وجهه وبعد بجانبه وولاها ظهره، وتلك الآية تبرز مبالغته في الإعراض والبعد عن ربه غرورًا واستكبارًا، مصورة بصورة الأمور المحسوسة تقبيحا له وتقريعًا على ما اقترف من إثم عظيم.
﴿وَإِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ كَانَ يَئُوسًا﴾: أَي إذا نزل به شر من مرض أَو فقر أَو كارثة من الكوارث التي تلم به، كان شديد اليأس والقنوط، من فرج الله الذي وعده عباده المؤمنين، وذلك لأنه لم يقبل عليه في الرخاء، حتى يرجوه في الشدة، ولو أَنه صبر لظفر، فقد جاء في حديث ابن عباس:"وَاعْلَمْ أنَّ النَّصرَ مَعَ الصَّبْر، وَأن الفَرجَ معَ الكرْبِ، وأَن مع العسر يسرًا".