والمعنى: واذكروا أَيها المؤمنون من أهل مكة وقتما كنتم مستضعفين من مشركيها، يؤْذونكم بالقول والفعل، لضعفكم وقلّتكم وهوانِكم عليها، فكنتم لذلك تخافون دائما أَن يتخطفكم مشركو مكة، ويأخذوكم بالإِيذاءِ وسلب الأَموال من آن لآخر، فآواكم الله بالمدينة حين هاجرتم إِليها، إِذ أَنزلكم من أَهلها في مأوى يقيكم شرَّ من استضعفوكم وآذوكم، وأَيدكم وقواكم بنصره بمظاهرة الأَنصار، والإِمداد بالملائكة في بدر، فثأَرتم بذلك ممن أَخرجوكم وآذوكم، ورزقكم الله من الطيبات بما نلتم من المغانم، ولم تحل لأَحد قبلكم، منحكم الله كل هذه النعم لكي تشكروه على إِسدائها.
وقيل: الخطاب عام للمؤمنين في كل عصر، يذكرهم الله فيه بإِنعامه عليهم حين يكون عدوهم أَكثر منهم، يخافون أَن يتخطفوهم لكثرتهم، فإِنه - تعالى - حينئذ يؤويهم، أَي يحل لهم مأْوى يتحصنون به من أَعدائهم، ويؤَيدهم وينصرهم عليهم، ويرزقهم من طيبات الأَرض التي يستولون عليها منهم، كما يرزقهم من مغانمهم.
والرأى الأَول أنسب بالحديث عن غزوة بدر التي جاءت هذه السورة لتفصيل شئونها.