استعمل ضمير العقلاءِ في كلمتي: ﴿رَبِّهِمْ﴾ و ﴿يُحْشَرُونَ﴾ في دواب الأَرض وطيور الجو، إجراءً لها مجرى العقلاءِ، بعد بيان أنها أمثال الناس في نظم حياتها.
والمعنى: ثم - إلى ربهم ومالك أُمورهم - يحشرون كما يحشر الناس، فينصف بعضهم من بعضهم بموجب ما لديهم من إدراك.
وفي ذلك يقول النبي ﷺ:"لَتُؤَدُّنَّ الحُقُوقَ إلَى أَهْلِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى في يُقَادَ لِلشَّاةِ الجَلْحَاءِ مِنَ الشاةِ القَرْنَاءَ"(١).
وعن ابن عباس: حَشْرُ الدواب والطير؛ مَوْتُها.
والأَول أَصح، لظاهر الآية والحديث.
وبه أخذ أبو ذر وأبو هريرة والحسن وغيرهم.
وقال جماعة: هذا الحَشْر الذي في الآية، يرجع إلى الكفار، وما تخلل من كلام، فهو معترض، وإِقامة حجج. والحديث مقصود منه التمثيل على جهة تعظيم أمر الحساب، والقصاص، والاعتناء فيه. حتى يفهم منه: أَنه لا بد لكل أَحد منه.
وصح القرطبي الأول، لصراحة الحديث. وقال: إنها - وإِن كان القلم لا يجرى عليها في الأحكام - ولكنها تؤاخذ فيما بينها.