للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[التفسير.]

٧١ - ﴿فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا رَكِبَا فِي السَّفِينَةِ خَرَقَهَا﴾:

جاء في حديث البخاري عن النبي أنهما "انطلقا يمشيان على الساحل فَمَرتْ بهما سفينة فكلموهم أن يحملوهم فعرفوا الخضر فحملوهم بغير نوْل" (١) إلى أن قال: "فَلَم يُفْجأ مُوسى إلاَّ وَقَدْ قَلَعَ لَوحَا بِالقَدوم، فَقالَ لَهُ مُوسى: مَا صَنَعت؟ قوم حَملُونَا بِغَيرِ نَوْلٍ، عَمَدت إلَى سَفِينتهم فَخَرَقتَهَا لِتُغرِقَ أهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيئا إمْرا" ويحكي الله اعتراض موسى عليه، بأُسلوب موجز مستنكرًا ما فعل، إذ يقول:

﴿قَالَ أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا﴾:

وهنا نرى موسى ينسى ما عاهد عليه الخضر ويوجه إليه لوما شديدا ويقرر أن فعله هذا قد يفضي إلى إغراق السفينة بمن فيها، وأنه قابل إحسان أصحابها بالإساءة. ويحكم عليه حكما قاسيًا حسب ما بدا له - بأنه ارتكب ذنبًا عظيمًا قبل أن يستمع إلى سبب هذا الفعل.

٧٢ - ﴿قَالَ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا﴾:

ذكره الخضر بالعهد الذي ارتبط به معه فقال له: لقد قلت لك ما توقعتُ حدوثَهُ منك وهو أنك لن تستطيع الصبر على صُحبتي حينما ترى ما أفعله، بما يخالف ظاهر شريعتك.

٧٣ - ﴿قَالَ لَا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ وَلَا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْرًا﴾:

اعتذر موسى للخضر بأنه نسى ما تعهد له به. والنسيان مَظِنَّة العفو، وطلب إليه ألا يحمّله فوق طاقته، فإنه نبي والنبي لا يسكت عن أمر يراه خطيئة، روى البخاري عن النبي قال: "كانت الأولى من موسى نسيانا" وورد في هذا الحديث: "وجاء عصفور فوقع على حَرْفِ السفينة فنقر من البحر نقْرَة (٢) فقال له الخضر: "ما علمي وعلْمُك في علم الله إلا مثلُ ما نقصَ هذا العصفور من هذا البحر" وقبل الخضِرُ عذر موسى وسارا في طريقهما.


(١) أي بغير أجر.
(٢) هذا دليل على أن البحر كان ماؤه عذبا.