وبعد هذا نقول: استفت قلبك وإن أفتاك الناس وأفتوك، واحذر الصغائر فإنها مدرجة إلى الكبائر، نسأل الله العصمة منها.
﴿إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ﴾ حيث يغفر الصغائر بتجنب الكبائر؛ بل ويغفر الكبائر بالتوبة منها.
﴿هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَإِذْ أَنْتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى﴾ الله أعلم بكم أيها الناس حين أنشأكم من الأرض، حيث خلق أباكم آدم من ترابها، أو أنشأكم جميعًا منها، فإن النطفة التي خلقكم منها ناشئة من الأغذية، والأغذية منشؤها الأرض.
والله تعالى أعلم بكم وقت كونكم أجنة في بطون أمهاتكم على أطوار مختلفة بعضها يلي بعضًا، وإذا كان الأمر كذلك فلا تزكوا أنفسكم وتصفوها بالطهر من الإثم، هو أعلم بمن اتقى المعاصي كما يعلم من فعلها، فيجازي كلا على عمله، إن خيرًا فخير وإن شرًّا فشر.
وهذه الآية نزلت - على ما قيل - في قوم من المؤمنين، كانوا يعملون أعمالا حسنة ثم يقولون استعظاما لها وتكاثرا: صلاتنا وصيامُنا وحجنا، وهذا مذموم منهي عنه إذا كان بطريق الإعجاب أو الرياء، أما إذا لم يكن كذلك فلا بأس به، ولذا قيل: المسرَّة بالطاعة طاعة، وذكرها شكر.