هذه الآيات شروع في مقصد آخر من مقاصد هذه السورة يتمثل في عرض طائفة من القصص والأخبار الصادقة ليتسلى بها الرسول ﷺ، ويتأسى بما لاقاه الأنبياء السابقون عن عنت أقوامهم، وعانوا من عنادهم وكفرهم وبما وقع للأمم التي أغرقت في العناد وأسرفت في الفساد، وأمعنت في الضلال والإضلال.
وقد بدأت هذا المقصد بحديث ضيف إبراهيم الذين استضافوه من الملائكة، واستهلته بالاستفهام المشوق إلى طرافة الحديث، المؤذن بأنَّهُ حديث تستلذه الأسماع، وتطيب بسماعه النفوس؛ لأنه مما لا يعلمه الرسول إلا بطريق الوحى.
والمعنى: هل أتاك - أيها الرسول - حديث ضيف إبراهيم الذين استضافوه من الملائكة المكرمين عند الله في المنزلة وفي شرف الوفادة، وعند إبراهيم ﵇ حيث قام على خدمتهم بنفسه وزوجه.
وقوله - تعالى -: (إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ) توقيت للحديث أي: هل أتاك هذا الحديث وقت دخلوا عليه بيته فبادروه بقولهم: نؤمنك أمانا ونسلم عليك سلاما حتى لا يروعك ولا يخيفك دخولنا، قال ردًّا عليهم: عليكم سلام دائم، أو أمرى معكم سلام. وقوله: قوم منكرون، أي: أنتم قوم مجهولون عندي لا معرفة لي بكم، ولا عهد لي معكم، والظاهر أَن هذا خاطر حدَّث به نفسه، لأنه ليس من كرم الضيافة أَن يقول المضيف مهما كان لمضيفه: أنا لا أعرفك فضلا عن أَن يكون القائل إبراهيم، المضياف الكريم.