بعد أَن ذكر القرآن الكريم طائفة من جرائم الذين ينكرون البعث والجزاءَ، جاءَت هذه الآية تحكى معصية أُخرى من أَشنع معاصيهم المترتبة على ذلك، وهي استعجالهم لنزول العذاب الذي توعدهم القرآن به، مبالغة منهم في الاستهزاءِ بمجيئه والتكذيب بوقوعه.
والمعنى: ولو يعجل الله تعالَى لهؤلاء الذين لا يؤمنون بالبعث، ولا يتوقعون الرجوع إِلى الله الواحد القهار، لو يعجل لهم - سبحانه - العذاب الذي كانوا يستعجلون به، مثل إسراعه بتحقيق الخير لهم عند استعجالهم به وطلبهم إِياه.
﴿لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ﴾:
أي لأَنهى الله إليهم مدتهم التي قدرها الله لعذابهم، واستؤْصلوا بإهلاكهم جميعًا عن آخرهم، وما أُمهلوا لحظة واحدة جزاءَ جرأَتهم، كما قال تعالى: ﴿وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ ...... ﴾ (١) ولكنه سبحانه يمهلهم ولا يعجل لهم الشر الذي طلبوه ولا ينهى إِليهم أَجلهم، وإنما يتركهم إمهالا لهم واستدارجا، كما قال تعالى:
﴿فَنَذَرُ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ﴾: أَي فنترك الذين لا يتوقعون لقاءنا يوم البعث ولا يصدقون بيوم القيامة، غارقين في ظلمهم الذي تجاوزوا فيه