الحدود، وهو إنكارهم البعث وتهاويهم في التكذيب وارتكابهم كل قبيح من الأَقوال والأَفعال - ندعهم في هذا الحال السيء يترددون ويتحيرون، ولا نترفق بهم بسبب تماديهم في البغى.
في الآية السابقة إشارة إلى أن الكفار كانوا يستعجلون نزول العذاب الذي توعدهم الله به استهانة بشأْنه، وفي هذه الآية الكريمة بين سبحانه أنه لو نزل بالإنسان أَدنى مكروه، فإِنه يدعو الله في كل حال راجيا إنقاذه منه وإزالته عنه لعجزه عن احتماله وحيث كان أَمرهم كذلك فكيف يستعجلون عذابه.
والمعنى: وإذا أَصاب الإنسان أَي ضرر من مرض أو فقر أَو غير ذاك من الشدائد دعا الله طالبا كشفه عنه وتخليصه منه - دعاه - في حال اضطجاعه على جنبه أَو في حال قعوده، أَو في حال قيامه.
والمراد أنه يتضرع إلى الله ليكشف ضره على أي حال يكون، وإنما خصت هذه الثلاثة بالذكر لأَنها أَغلب أَحوال الإنسان، ثم بين القرآن أَن هذا الذي تضرع إلى الله لرفع ما نزل به من البلاء رجع بعد تخليصه منه إلى الكفر والضلال، فقال تعالى:
أَي فلما استجبنا له وأَزَلْنا عنة الضُّرَّ الذي نزل به، مضى واستمر على طريقته التي كان عليها من التكذيب والعناد قبل أن يمسه الضر، وَنَسِى ما كان فيه من الجهد والبلاءِ كأَن لم يدعنا إلى كشف ضُرٍّ مسه، وإزالةِ مكروه نزل به.
أي مثل هذه الحال العجيبة التي تنكروا فيها لله تعالى ورجعوا إلى الضلال الذي كانوا فيه، زين الشيطان للمسرفين في الكفر والمعاصي، ما كانوا يعملونه من الانغماس