﴿مِنْ ضُرٍّ﴾: من شدة وسوء حال. ﴿لَلَجُّوا﴾: لتمادوا. ﴿فِي طُغْيَانِهِمْ﴾: في إفراطهم في الكفر بالحق. ﴿يَعْمَهُونَ﴾: يتحيرون ويترددون بين أَساليب رد الحق، وهو مضارع (عَمِه) بوزن فرح ومنع، ومصدره: العَمَهُ والعُمُوه. ﴿فَمَا اسْتَكَانُوا﴾. فما خضعوا.
﴿وَمَا يَتَضَرَّعُونَ﴾: وما يتذللون إلى الله ويدعونه مخلصين أَن يرحمهم.
أَي: ولو رحمنا أَهل مكة، وأَزلنا ما لحقهم من ضر وشدة، بسبب القحط الذي حل بهم عقابًا لهم، لتمادوا في الكفر بالحق يترددون بين أَساليب رده، ولم يرتدعوا عن طغيانهم بعد ما رفع الله الضر عنهم.
وكان النبي ﷺ قد دعا عليهم، فقال: اللهم اشدد وطأتك على مضر واجعلها عليهم سنين كسنى يوسف - كما رواه ابن عباس، وقد حقق الله دعاءَه، فقد بعث النبي ﷺ محمد بن مسلمة في سَريَّة إلى بنى بكر بن كلاب، فجاءَ بثُمامة بن أثال الحنفى إِلى المدينة، فامتنع عن الإسلام ثلاثة أَيام، ثم أَسلم وخرج معتمرًا، فلما قدم بطن مكة لبَّى، وهو أول من دخلها ملبيًا من المسلمين، ومن هنا قال أَحد بنى حنيفة:
ومنَّا الذي لَبَّى بمكة مُعْلِنًا … برغم أَبي سفيان في الأَشهر الحرم