بل مجرد اجتماعهم حينئذ كاف، والوصف بالطائفة لبيان الشأْن فيهم.
﴿الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً﴾ أَي: شأْن الزانى أَنه لا يرضى بالإِثم معه إلاَّ خبيثة مثله من الزوانى والمشركات، دون العفائف المحصنات، وكذا الأَمر في الزانية لا يرضى بالإِثم معها إِلَّا خبيث مثلها من الزناة والمشركين، دون الأتقياء الصالحين، وسيأْتى للآية معنى آخر في موضعها.
أَي: سورة عظيمة أَنزلناها إليكم أَيها المسلمون، وفرضنا ما فيها من الأَحكام عليكم لتنفذوها وتعملوا بها، وأَنزلنا فيها آيات واضحات الدلالة على ما فيها من الأَحكام والآداب، فليس فيها مشكلات أَو مشتبهات تحتاج إِلى التأويل، لعلكم تتذكرون وتتعظون بما جاء فيها من الأَحكام الشرعية والأَخلاق الاجتماعية، لتكونوا جديرين بكونكم خير أمة أُخرجت للناس، وعبر بقوله: ﴿وَأَنْزَلْنَا فِيهَا آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ﴾ مع كونه غير محتاج إِليه في أَصل المعنى لشمول إِنزال السورة لكل آياتها - عبر به - لإِبراز كمال العناية بشأْن إِنزال تلك الآيات الدالة على المُثُل العليا من الأَحكام والآداب، فلهذا تكرر لفظ ﴿أَنْزَلْنَا﴾.
وللإمام الرازى رأْى لطيف في حكمة هذا التكرار، فقد قال: أن الله تعالى ذكر في أَول السورة أَنواعًا من الأَحكام والحدود، وفي آخرها دلائل التوحيد، فقوله تعالى: ﴿وَفَرَضْنَاهَا﴾ إِشارة إِلى الأَحكام المبينة أولًا، وقوله سبحانه: ﴿وَأَنْزَلْنَا فِيهَا آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ﴾ إِشارة إلي ما بين من آيات التوحيد، ولهذا ختم الآية بقوله: ﴿لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ﴾ فإِن الأَحكام لم تكن معلومة حتى يتذكروها: اهـ.
يقصد أَن التذكر هنا بمعنى: الاعتبار بآيات التوحيد، لا تذكُّر آيات الأَحكام لأَنها لم تكن معلومة حين نزول هذه الآية حتى يتذكروها.
كان الزنى معروفًا في الجاهلية بما عرف به في الإِسلام، فهو في لغة العرب وطءُ الرجل امرأَة لا يحل له وطؤها، والذي استحدث في الإِسلام هو بيان فحشه، وفرض الحد