ولما ثبت للملك براءة يوسف بما نسبته امرأة العزيز إليه، وتحقق أنه أَمين لا يخونه بالغيب، وأَدرك صبره وجلده وإيثاره السجن على ما تدعوه إليه امرأة العزيز وصواحباتها وعرف مبالغته في حماية نفسه من قالة السوءِ، بطلبه التحقيق مع أولئك النسوة قبل خروجه من السجن ليتلقاه الملك نظيفًا محكومًا ببراءَته، بدلا من أَن يقابله قبل ذلك متهمًا عما عنه الملك لأَنه أَوَّل رؤياه لا لأَنه برئٌ - ولمَّا ثبت للملك كل ذلك - قال الملك لرجاله: أَحضروا إليَّ يوسف أَتخذه خالصًا لنفسى في تدبير أمور مملكتى وليكون صاحب مكانة خاصة عندي.
وإذا نظرت إلى أسلوب الملك في طلب إحظار يوسف إليه فإنك تراه أَولًا بعد أن علم بتأويله رؤياه قال:(ائْتونِي بِهِ) ولم يزد على ذلك، فلما ظهر إباؤه ووضحت أمانته وعفته في قصة امرأة العزيز، عظمت منزلته عنده، فطلبه ليكون ذا مكانة ممتازة لديه