للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[التفسير]

١٦٤ - ﴿إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ … ﴾ الآية.

بينت الآية السابقة: أن المعبود بحق يجب أن يكون واحدًا فقال كفار قريش: كيف يسع الناس إله واحد؟! وقالوا: هل من دليل على ذلك؟ فأنزل الله: ﴿إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾. رواه سفيان عن أبيه عن أبي الضحى.

وساء أصح هذا السبب في نزول الآية، أم لم يصح، فقد ذكر فيها أدلة جليلة على ما جاء في الآية التي قبلها، وهو: أن إلهنا إله واحد، تثبيتًا له وتأييدًا. فقد ذكر الله - تعالى - في هذه الآية أدلة كونية عظيمة، تدل من يعقلون، على وحدانية الله - تعالى - وأنه رحمنٌ رحيمٌ.

وأول هذه الأدلة: أنه - سبحانه - أبدع السموات والأرض متناسقة على غير مثال سبق.

قال تعالى: ﴿الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ. ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئًا وَهُوَ حَسِيرٌ﴾ (١).

كل ما في السماء عجيب نافع، فشمسها المشرقة نهارًا: تبث في أرضنا الدفءَ، وتنشر فيها الضوء، وتنبت الزرع، وتستخلص من مياهنا المالحة بخارًا حُلْوًا نَقِيًا، يصيره الله بقدرته سحابًا، ثم يعيده إلينا مطرًا عذبًا، فيسلكه في أعلى الأرض أنهارًا، ويسلكه في جوفها ينابيع، فنعيش به، ويعيش حيواننا، على ما أوجد الله بسبب الشمس من الماء والنبات ﴿هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ﴾ (٢) ﴿فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ﴾ (٣) سبحانه، هو أرحم الراحمين.


(١) سورة الملك: ٣،٤.
(٢) سورة فاطر: ٣.
(٣) سورة المؤمنون: ١٤.