وإِذا فعل العصاة - الذين لا يؤْمنون - سيئة شديدة القبح كعبادة الأوثان، وكشف العورة في الطواف - قالوا محتجين لمن نهاهم عنها: وجدنا آباءَنا مواظبين عليها .... والله أمرنا بها.
وجوابهم هذا، يدلّ على أَنهم جعلوا تقليد الآباءِ، شريعةً متَّبعة لهم، وتقديمهم ذلك على أمر الله تعالى في الاحتجاج، يؤْذن بأنه - في نظرهم - أهم منه.
قل لهم - أيها الرسول - إِن الله لا يأمر بالفحشاءِ والقبائح. وإِنما يأْمر بمحاسن العقائد والأعمال. فهو الحكيم. فكيف تنسبون إِليه تعالى ما لا يصحُّ ولا يليق من العقائد والأعمال؟ أَتقولون على اللهِ ما تجهلون، فتهلكون بنسبة الزور والبهتان إِليه سبحانه؟
وهذا ردُّ لحجتهم الثانية.
وقد أَغفل الله الرد على حجتهم الأُولى، وهي: تقليد الآباءِ فيما اعتقدوه وما فعلوه؛ لظهور فساد الاحتجاج بها.
وقيل: يجوز أن يكون قوله تعالى: ﴿أَتَقُولُونَ عَلَى اللهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾، ردًّا على الحُجَّتين جميعًا، فإنّه إذا كان اللهُ لا يأمر بالفحشاءِ، بل يأمر بالمحاسن، فكيف يتركون اتباع أَمره، إِلى اتباع آبائهم، فيما يقبح عقلا؟!
قل لهم - أَيها الرسول - أَمَرَ رَبى بالعدل. وهو التوسط في الطاعات بين التفريط والإفراط. فاستقيموا على ذلك، واتجهوا بأَنفسكم نحو الله تعالى عند كلّ مسجد تتعبدون فيه، ولا تنصرفوا عنه إلى سواه. واعبدوه مخلصين له الطاعة.