للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

جميع كائناته، فهي أيضًا تحت قهره وسلطانه، فإنه إذا كان العقلاء مملوكين له، وخاضعين لإرادته فما سواهم مما خلق لأجلهم، مملوك له، وناشئ عن قدرته ومشيئته، وتابع لتدبيره وإرادته، ولم يصرح هنا بدخول غير العقلاء في دائرة ملكية الله؛ لأنه مفهوم بالأولى وغير محتاج إلى التصريح به، فضلا عن أنه مصرح به في كثير من آيات القرآن الكريم، ومن ذلك قوله تعالى: ﴿لِلَّهِ مَا في السَّمَاوَاتِ وَمَا في الْأَرْضِ وَإِنْ تُبْدُوا مَا في أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ الله .... ﴾ (١). ويجوز أن تكون (مَنْ) في قوله تعالى: (مَن في السَّمَوَاتِ وَمَن في الْأَرْضِ) عامة للعقلاء وغيرهم، كما في قوله تعالى: ﴿وَاللهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ مَاءٍ فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى بَطْنِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى رِجْلَيْنِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى أَرْبَعٍ﴾ (٢).

وبعد أن بين ملكيته تعالى لأهل السموات والأرض، عقب ذلك ببيان خطإِ الكافرين في عبادة غيره فقال:

﴿وَمَا يَتَّبِعُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ شُرَكَاءَ﴾: أي وما يتبع الذين يعبدون غير الله شركاء له على الحقيقة، فإنها مملوكة له تعالى ولا شركة لها معه في شئٍ، فلا تستحق أن يشركوها به في العبادة.

﴿إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ﴾: أي ما يتبع هؤلاء المشركون في عبادة غير الله تعالى إلا توهمهم الباطل أنه شريك له، دون أن يكون لهم على شركته له برهان عقلى أو نقلى، وما هم في جعلهم شركاء له إلا يكذبون.

﴿هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا إِنَّ في ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ﴾

[المفردات]

﴿لِتَسْكُنُوا فِيهِ﴾: لتطمئنوا وتستقروا فيه بعد حركتكم بالنهار.


(١) سورة البقرة، من الآية: ٢٨٤
(٢) سورة النور، من الآية: ٤٥