للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وخلصهم من مطاردتهم - أنزلهم - مكانًا صالحًا مرضيا، وأرضًا يجدون فيها الأمن والطمأنينة، ومع تهيئة المكان الآمن رزقهم أرزاقًا طيبة، فأنزل عليهم المن والسلوى وأتم عليهم نعمته.

{فَمَا اخْتَلَفُوا حَتَّى جَاءَهُمُ الْعِلْمُ}: أي ظل هؤلاءِ يرفلون في نعم الله عليهم فما اختلفوا في أمر دينهم وما عصوا رسولهم موسى - عليه السلام - إلى أن قرأوا التوراة وعرفوا أحكامها فاختلفوا في فهمها، وانقسموا فرقًا في تأْويلها، كل فرقة تدعى أنها هي التي على الحق دون سواها، ويجوز أن يكون المراد ببنى إِسرائيل الذين اختلفوا، هم اليهود الذين كانوا في زمن محمد - صلى الله عليه وسلم - وذلك أَنهم كانوا قبل مبعثه عالمين بقرب مبعثه مجمعين على نبوته، مما عرفوه عنه في كتبهم من البشارة به وبيان أحواله وصفاته، فلما بعث اختلفوا فمنهم من آمن به ومنهم من كفر بغيا وحسدا، كما قال - تعالى -: {وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ} (١).

ثم حذرت الآية المكذبين وطمأنت المصدقين ببيان أَن مصير الكل إلى الله يحاسب كلا على ما قدمت يداه وذلك في قوله تعالى:

{إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ}: أَي إِن ربك أيها الرسول سيحاسب كلا بما كسبت يداه، ويحكم بالعدل بينهم فيما كانوا فيه يختلفون، فيثيب المحقين ويعاقب أهل الباطل الظالمين.

{فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكَ لَقَدْ جَاءَكَ الْحَقُّ مِنْ

رَبِّكَ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ (٩٤) وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ فَتَكُونَ مِنَ الْخَاسِرِينَ}


(١) سورة البينة، الآية: ٤

<<  <  ج: ص:  >  >>