أخرج الطبراني في الكبير، والبيهقي في سننه، وابن جرير، وابن أبي حاتم وغيرهم ما تلخيصه: أن النبي ﷺ بعث رهطًا بقيادة عبد الله بن جحش إلى نخلة، فقال: كن بها حتى تأتينا بخبر من أخبار قريش، ولم يامره بقتال، وكتب له كتابًا قبل أن يعلمه أين يسير، فقال: اخرج أنت وأصحابك، حتى إذا سرت يومين فافتح الكتاب وانظر فيه، فما أَمرتك به فامض له ففعل، فإذ فيه أمرهم بالنزول بنخلة، والحصول على أخبار قريش. فتوجه بأصحابه نحو نخلة، فلقوا نفرًا من قريش فقتلوا أحدهم، وأسروا اثنين منهم، وأخذوا عيرهم وعادوا إلى المدينة فلما قدموا على رسول الله ﷺ قال لهم: والله ما أمرتكم بقتال في الشهر الحرام.
فأوقف الرسول الأسيرين والعير، فلم ياخذ منها شيئًا، فلما قال لهم رسول الله ما قال، سُقِطَ في أيديهم، وظنوا أن قد هلكوا، وعنفهم إخوانهم من المسلمين.
وقالت قريش - حين بلغهم أمر هؤلاء -: قد سفك محمد الدم الحرام، وأخذ المال وأسر الرجال، واستحل الشهر الحرام.
فنزلت.
فأخذ رسول الله العير، وفَدَى الأسيرين.
واختلف في وقت حدوث ذلك، فبعض الروايات تقول: إن ذلك كان في آخر يوم من جمادى الآخرة وهو حلال: ويليه شهر رجب. وهو شهر حرام.
وبعضها تقول: إنه كان في آخر يوم من رجب.
ولعل ذلك أرجح، فإن الآية تؤيده، إذ فيها أنهم سألوا عن حكم القتال في الشهر الحرام، كما أن الرواية التي تقول إنه كان في آخر يوم من جمادى، يناقض بعضها بعضًا، فقد ذكرت ما رويناه من أن الرسول حلف أنه ما أمرهم بالقتال في الشهر الحرام، وتوقف عن أخذ الغير، وأوقف الأسيرين، وأن الرسول لما قال لهم ما قال، سُقِطَ في أيديهم، وظنوا أنهم هلكوا، وأن المسلمين عنفوا عبد الله بن جحش وإخوانه على ما صنعوا، ولو كان ذلك في آخر يوم من جمادى ما حدث ذلك، ولو حدث لدافع عبد الله وإخوانه عن أنفسهم.