للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(لا) أَي: (لَا تَفْتَأُ). وكثيرًا ما تضمر (لا) في جواب القسم كما فى قول امرئِ القيس:

فقلت يمين الله أَبرح قاعدًا … ولو قَطَّعوا رأْسِى لديكِ وأَوصالى

أَي بحق الله لا أَبرح، وهو رأْى الخليل وسيبويه، وعلَّلُوا جواز ذلك بأَنه لا يلتبس بالإِثبات إِذ لو كان على الإِثبات لوجب اقترانه باللام والنون كقولك: تَالله لأفعلنَّ كَذا.

(حَرَضًا): الحرض لُغَةً فساد الجسم أَو العقل من الحزن أَو العشق أَو الهَرَم كما قال أبو عبيد وغيره.

(بَثِّى): البث المصيبة التي لا قدرة لأحد على كتمانها فيبثها وينشرها.

[التفسير]

٨٥ - (قَالُوا تَاللهِ تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّى تَكُونَ حَرَضًا أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهَالِكِينَ):

أَي قال أَولاد يعقوب لما سمعوه يردد الأَسف على يوسف بعد فجيعته في بنيامين دون أَن يذكر في أَسفه بنيامين - قالوا له: والله يا أَبانا لا تبرح تتذكر يوسف بعد مضى هذه السنين الكثيرة على فقده، وتبدى أَشد الحزن وأَغزر البكاء عليه، حتى تشرف على الهلاك أَو تكون من الهالكين حقيقة فخفف على نفسك ولا تتلفها بالهم والأَسى!

٨٦ - (قَالَ إِنَّمَا أَشْكُوبَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللهِ):

قال يعقوب مجيبًا أَولاده عقب لومهم إِياه على حزنه الذي طال أَمده بعد فقده يوسف: - قال يعقوب لهم - ما أَشكو مصببتى التي لا أَستطيع إِخفاءَها، ولا أَشكو حزنى لأَحد إِلا إِلى الله فهو القادر على كشف التفسير، وأَتبع يعقوب كلامه هذا بما يفيد أَمله في رحمة الله فقال:

(وَأَعْلَمُ مِنَ اللهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ):

وأَعلم من شأْن الله ورحمته ما لا تعلمون، فقد كان يحيى بوجدانه النبوى الصادق وبما قام لديه من الأَمارات أَن يوسف حى لم يمت وأَنه وصل أَو سيصل إلى منزلة عظيمة بين الناس، وأَن شمل الأُسرة سوف يجتمع بزعامة يوسف.