للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عدم اللزوم، كما في قوله تعالى: {فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَتَرَاجَعَا (١)} وليس مباحًا بالاتفاق، لقوله تعالى: {مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} فيكون مندوبًا.

عن الشافعي ومالك: أنه ركن فيهما، وحجتهما في ذلك: ما أخرجه الطبراني عن ابن عباس، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إن الله كتب عليكم السعي فاسعوا". وكتب بمعنى: فرض، كما في قوله تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ (٢)}. وما رواه مسلم، عن عائشة، قالت: "ما أَتَمَّ الله حج من لم يسع بين الصفا والمروة، ولا عمرته"، ولقوله - صلى الله عليه وسلم -: "خذوا عني مناسككم". وقد صح أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سعى بينهما.

وعن أبي حنيفة: أنه واجب يجبر تركه بدم. اهـ. بتصرف.

ومن أراد مزيدًا في تعرف وجوه نظر الأئمة. فليرجع إلى كتب الفقه.

{وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ}.

التطوع: ما يأتي به الإنسان من الطاعة غير المفروضة عليه، أي وَمَن أتى بشيء من النوافل، فإن الله {شَاكِرٌ} له، أي يثيبه عليه {عَليمٌ} بكل شيءٍ، فلا يخفى عليه تطوعه، نيةً وكيفيةً ومقدارًا، فلا ينقص من أجره شيئًا.

واعلم أن السعي بين الصفا وا لمروة، شعيرة موروثة عن أُم إسماعيل - عليه السلام - فقد جاء في حديث طويل، رواه البخاري عن ابن عباس، بعد ما ذكر: أن إبراهيم - عليه السلام - جاء بهاجر وابنها إسماعيل، عند مكان البيت، وتركهما، فقالت له: "يا إبراهيم: أين تذهب، وتتركنا بهذا الوادي الذي ليس فيه إنس ولا شيءٌ؟ "، ثم قالت له: "آلله أَمرك بهذا؟ قال: نعم، قالت: إذًا لا يضيعنا" ومضى ابن عباس في الحديث إلى أن قال: "حتى إذا نَفِد ما في السقاء، عطشت، وعطش ابنها، وجعلت تنظر إليه يَتلَوَّى، فانطلقت كراهية أن تنظر إليه، فوجدت الصفا أقرب جبل في الأرض يليها، فقامت عليه، ثم استقبلت الوادي تنظر، هل ترى أحدًا؟ فلم تر أحدًا، فهبطت من


(١) البقرة: ٢٣٠.
(٢) سورة البقرة: ١٨٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>