للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[التفسير]

٤٢ - ﴿ثُمَّ أَنْشَأْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ قُرُونًا آخَرِينَ (٤٢)﴾:

أي: أوجدنا بعد هلاك أمة القرن السابق أمَمًا وخلائق أخرى، ويراد بها عند أكثر المفسرين: أقوام صالح ولوط وشعيب وغيرهم.

٤٣ - ﴿مَا تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَهَا وَمَا يَسْتَأْخِرُونَ﴾:

أي: ما تسبق أمة من الأُمم الكافرة التي أهلكها الله - ما تسبق - الوقت المقدر لهلاكها أزلًا، وما تتأخر عنه، فهلاكها مرهون بوقته لا يسبقه ولا يتأَخر عنه، وذلك مثل قوله تعالى: ﴿وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ (٣٤)(١). وضمير الجمع في قوله سبحانه: ﴿يَسْتَأْخِرُونَ﴾ عائد على (أمة) باعتبار المعنى، إذ المراد بها: الأَفراد المجتمعون.

٤٤ - ﴿ثُمَّ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا تَتْرَى كُلَّ مَا جَاءَ أُمَّةً رَسُولُهَا كَذَّبُوهُ … ﴾ الآية.

أي: ثم أرسلنا رسلنا متتابعين، يتبع بعضهم بعضًا إلى الأمم التي جاءَت بعد هلاك من سبقوهم، فقد أَرسلنا إلى كل أمة رسولا منهم خاصًا بهم.

﴿كُلَّ مَا جَاءَ أُمَّةً رَسُولُهَا كَذَّبُوهُ﴾ استئناف مبين لما قابلت به كل أمة منهم رسولها من تكذيبهم إياه حين لقائه، مع أنه واحد منهم، عرفوه بالصدق، وصدقه الله بالمعجزة التي أظهرها الله على يديه.

﴿فَأَتْبَعْنَا بَعْضَهُمْ بَعْضًا﴾: أي جعلنا الأمم في الهلاك يتبع بعضهم بعضًا، بمباشرتهم الأسباب الداعية إليه من الكفر والتكذيب، واقتراف المعاصي.

﴿وَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ﴾: بعد أَن أهلكوا حيث لم يبق بعدهم إلا أخبار وأَحاديث، يتحدث بها الناس، تَلَهِّيًا بها، وتعجبًا مما نزل بهم من تدمير وإبادة، وهذه الجملة إِنما تقال في الشر، ولا تقال في الخير، كما يقال: صار فلان حديثًا، أَي: عبرة، كما قال تعالى: ﴿فَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ وَمَزَّقْنَاهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ﴾ (٢).


(١) سورة الأعراف، الآية: ٣٤
(٢) سورة سبأ، الآية: ١٩