للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

٨ - ﴿عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنَا وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيرًا﴾:

أي لعل الله تعالى يرحمكم بعد العقاب بالبعث الثاني، إِن تبتم عن المعاصي، ولازمتم طاعته، فيكف عنكم عقابه وانتقامه، ويبدلكم من بعد خوفكم أمنا، وإن عدتم إلى الإفساد عدنا إلى عقابكم في الدنيا، على نحو ما حدث في عقاب المرتين السابقتين أَو أَشد أو أَدنى حسب درجه آثامكم، وجعلنا جهنم لجميع الكافرين منكم ومن غيركم سجنا حاصرا لهم ومحيطا بهم، فلا مهرب لهم منه، فاحذروا العودة إلى آثامكم، لكي تنجوا من عقوبة الله في الدنيا والآخرة، ولقد عاد هؤلاء إلى الإفساد مرة بعد أخرى، فسلط الله عليهم من دمرهم وشتتهم في بقاع الأرض، وتراهم دائما يتجمعون في مكان واحد، تتجمع فيه بيوتهم، ويغلقون مسالكه حتى لا يعرف أحد أَسرارهم، وليأمنوا الاعتداء عليهم ممن يتآمرون ضدهم وقد تآمروا على النبي وقصدوا قتله، فسلطه الله على بني قريظة، فقتل رجالهم، وأجلى بني النضير وقاتل أهل خيبر، وضرب الجزية على من بقي منهم حول المدينة.

﴿إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا (٩) وَأَنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (١٠) وَيَدْعُ الْإِنْسَانُ بِالشَّرِّ دُعَاءَهُ بِالْخَيْرِ وَكَانَ الْإِنْسَانُ عَجُولًا (١١)

[المفردات]

﴿يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ﴾: يرشد للطريقة التي هي أعدل (١).


(١) قيل إن التفضيل هنا غير مراد، فالمقصود أنه يهدي إلى الطريق المستقيمة دون سواها إذ لا مشاركة بين طريق القرآن وسواها في الاستقامة، وإلى ذلك ذهب أبو حيان والرازى وخلاصته أن أفعل التفضيل هنا علي غير بابه، وفي ذلك يقول تعالى ﴿وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ﴾.