لكل إنسان شيطان مقارن له ومصاحب في الدنيا، يمتحنه الله بوسوسته، فإن عصَاه دخل الجنة، وإن أطاعه دخل النار، جاء في الحديث:"ما من أحد إلا وقد وُكِلَ به قرينه من الجن، قالوا: ولا أنت يا رسول الله قال: ولا أنا إلاَّ أَن الله - تعالى - أعاننى عليه فأسلم فلا يأمرنى إلا بخير".
والمعنى: وقال الشيطان المقارن للكافر: هذا الإنسان هو ما عندى وتحت إغوائى، عتيد أعددته لجهنم وهيأته لها بإغوائى فاستحقها.
قال الله - تعالى - مخاطبًا للملكين السائق والشهيد: اطرحا في جهنم كل مبالغ في الكفر للمنعم ونعمته، مبالغ في العناد وترك الانقياد للحق، مبالغ في منع الخير والبر عن الناس فلا يتصدق على محتاج للصدقة، معتد ظالم للحق متجاوز له، شاك في دين الله وفي البعث الذي أشرك بالله فجعل معه إلهًا آخر، فألقياه أيها الملكان في العذاب الشديد.
حاشية
جملة (فَأَلْقِيَاهُ فِي الْعَذَابِ الشَّدِيدِ) خبر عن (الذي) وجاءت الفاء في خبره لأنه في معنى الشرط، وقيل: في الكلام تقدير، أي: فيقال في حقه: ألقياه في العذاب الشديد، ويلاحظ أَن قوله - تعالى -: (فَأَلْقِيَاهُ فِي الْعَذَابِ الشَّدِيدِ) فيه تكرار لقوله سابقًا: (أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ) والغرض منه التوكيد كما في قوله - تعالى -: (لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا فَلَا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مِنَ الْعَذَابِ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ)(١).