للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿وَقَالَ اللَّهُ لَا تَتَّخِذُوا إِلَهَيْنِ اثْنَيْنِ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ (٥١) وَلَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَهُ الدِّينُ وَاصِبًا أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَتَّقُونَ (٥٢)

[المفردات]

﴿فَارْهَبُونِ﴾: أَي فخافون واخشوا عقابي إن خالفتم أَمرى.

﴿وَلَهُ الدِّينُ﴾: وله الطاعة والانقياد أو الجزاءُ، مِن دِنْتُهُ أَي جازيْتُهُ.

﴿وَاصِبًا﴾: واجبًا لازمًا، وفسّره الربيعُ بن أَنس بقوله: "واصِبًا" خالصًا.

[التفسير]

٥١ - ﴿وَقَالَ اللَّهُ لَا تَتَّخِذُوا إِلَهَيْنِ اثْنَيْنِ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ﴾:

حذر الله في الآيات السابقة أَهل مكة من عاقبة كفرهم بما أنزله على رسوله من أَن يصيبهم مثل ما أصاب المكذبين بالرسل قبلهم، من الخسف أَو إتيان العذاب من حيث لا يشعرون، أَو إن يأخذهم في تقلبهم ونشاطهم بغير مقدمات، أو يأخذهم على تخوف من الهلاك بأَن يرهبهم قبله بمقدمات مخيفة، وأَتبع ذلك توبيخهم على أَنهم لم يتفكروا فيما خلقه من الأَشياء التي تنتقل ظلالها عن اليمين وعن الشمائل، من الجبال والأَشجار وغيرها، منقادة لله تعالى في أَمرها كله، وبيَّن أنه - سبحانه - يسجد له ما في السماوات والأرض عن دابة، وكذلك الملائكة مع رفعة شأنهم، فإنهم يطيعون ربهم فلا يعصونه، بل يفعلون ما يؤْمرون.

وجاءَت هذه الآية لتأمر أَهل مكة وغيرهم بتوحيده بالعبادة والخوف من التقصير فيما كلفهم به، فإِن منْ هذا شأنه لا يعبد سواه، ولا يخاف غيره. وقد كان مشركو قريش وغيرهم يعترفون بألوهية الله، ولكنهم كانوا يتخذون معه شركاء لتُقرِّبهم إليه، وهم مع ذلك يعتقدون أَن الله يملكها، فهذه قبيلة نزار مثلًا كانت تقول في تلبيتها في الخج: "لبيك اللهم