١ - استدل البخاري وغيره بالآية على أن المؤمن لا يخرج عن إيمانه بالمعصية وإن عظمت، لا كما يقول الخوارج وفريق من المعتزلة، والآية صريحة في ذلك، فإنها سمّتهم (المؤمنين) مع قتالهم، وكما صرح به الحديث الصحيح السابق "ولعل الله أن يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين".
٢ - دلت الآية على وجوب قتال الفئة الباغية على الإِمام وعلى سواه من المسلمين، كما أنها حجة على من منع قتال المؤمنين مطلقًا، محتجًا بقوله ﷺ:"قتال المؤمن كفر" فلو كان قتال المؤمن الباغى كفرًا، لكان أمر الله بقتاله أمرا بما يكفر، تعالى الله عن ذلك علوًّا كبيرًا - كما أن هذا أقول مخالف لقوله ﷺ:"خذوا على أيدى سفائكم" ولو كان قتال المؤمن محرمًا على الإطلاق، لما قاتل أبو بكر الصديق والصحابة مانعى الزكاة من المؤمنين.
وقد أمر الصديق أن لا يتبع فارٌّ، ولا يجهز على جريح منهم، ولا تَحِلُّ أَموالهم، بخلاف الواجب في الكفار.
ويقول الطبرى: لو كان الواجب في كل خلاف بين فريقين الهرب منه ولزوم المنازل، لما أُقيم حَدٌّ ولا أُبطل باطل، ولوجد أَهل النفاق والفجور سبيلا إلى استحلال كل ما حرم عليهم من أموال المسلمين، وسبق نسائهم وسفك دمائهم، بأن يتحزبوا عليهم ويكف المسلمون أيديهم عنهم، وذلك مخالف لقوله ﷺ:"خذوا على أيدى سفهائكم": إهـ. فلذلك كله يحمل حديث "قتال المؤمن كفرٌ" على قتال غير البغاة منهم استحلالًا له.
[قتال علي ومعاوية]
كان القتال لشبهة قامت بينهما، فالإمام عليٌّ طلب البيعة من أهل الشام وعلى رأْسهم معاوية، ومعاوية طلب الأخذ بثأر عثمان ممن يوجد منهم في معسكر علي، فكان عليٌّ يقول: ادخلوا في البيعة واطلبوا الحق تصلوا إليه، وكان معاوية ومن معه يقولون: لا تستحق البيعة وقتلة عثمان معك تراهم صباحًا ومساءً.