للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

والمعنى: وتمَّ كتاب ربك الذي أَنزله إِليك، صادقا في أخباره ووعده ووعيده، عاد لا في أَحكامه … فقد بلغ الغاية القصوى في ذلك؛ لا مبدل لهذا الكتاب. فهو محفوظ بعناية الله تعالى، من عَبث العابثين، وتبديل المبدلين. كما قال تعالى:

﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾ (١) فهو- بذلك - مخالف لما سبقه من الكُتب السماوية التي لحقها التبديل، وأضاع أصلها التغيير. فطمست فيها معالم الحقائق الدينية، التي تبَيِّن صدق الرسول فيما جاءَ به، وتظهر وحدانية الخالق وتنزهه عن الجسمية، وسائر صفات البشرية.

وإنما تكفَّل الله بحفظ القرآن دون غيره؛ لأَنه تضمَّن شريعة الله الباقية إلى قيام الساعة، الصالحة لكل زمان ومكان. بخلاف ما تقدمه من الكتب، فإِنه كان لوقت محدود.

ثم ختم الله الآية بقوله:

﴿وَهُوَ السَّمِيعُ﴾: أي عظيم السمع لما يقال، وفي جملته ما افتَرَوْهُ عَلى القرآن العظيم.

﴿الْعَلِيمُ﴾: أي واسع العلم بكل ما كان وما يكون. وفي جملته ما أَضمروه من العداوة لكتابه ورسوله: وسعيهم في إبطال دينه.

وحيث كان سميعا لأَقوالهم الفاسدة، عليما بنياتهم وأحوالهم الخبيثة، فإنه - قطعا - سيجزيهم بما يستحقون من سوءِ العقاب.

﴿وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ (١١٦) إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ مَنْ يَضِلُّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (١١٧)﴾.

[المفردات]

﴿إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ﴾: ما يتبعون في عقائدهم وأَحوالهم إلاَّ التخمين الباطل.


(١) سورة الحجر، الآية: ٩