للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[التفسير]

ذهب موسى لمناجاة ربه مع من اختارهم من قومه لصحبته في هذه المناجاة (١)، وغلبه الشوق إِلى مناجاة ربه فأَسرع إِلى مكان المناجاة وخلف قومه وراءَه فسأَله الله تعالى - وهو العليم - عن سبب العجلة منكرًا علية تركه للنقباءِ السبعين الذين اختارهم من قومه لصحبته قائلًا:

٨٣ - ﴿وَمَا أَعْجَلَكَ عَنْ قَوْمِكَ يَا مُوسَى﴾:

أَىُّ شيءٍ حملك على العجلة؟ وكان الجواب المتوقع أَنْ يذكر سبب العجلة وهو شدة الشوق إلى الله، ولكن موسى فهم أَنه تعالى ينكر عليه تركه لقومه خلفه فقال:

٨٤ - ﴿قَالَ هُمْ أُولَاءِ عَلَى أَثَرِي﴾: أَي هم قادمون خلفى يتبعون أَثرى وسيلحقون بى سريعًا.

﴿وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى﴾: وأَسرعت إِلى مناجاتك طلبًا لرضاك يا ربى وتلبية لأَمرك، ذكر القاسمى: "أَنه سبحانه إنما أراد بسؤَاله عن سبب العجلة - وهو أَعلم - أَن يعلم موسى أَدب السفر، وهو أَنه ينبغي تأَخر رئيس القوم عنهم في السفر ليكون نظره محيطًا بطائفته ونافذًا فيهم ومهيمنا عليهم". وهذا المعنى لا يحصل في تقدمه عليهم، أَلا ترى أَن الله ﷿ علم هذا الأَدب لوطا فقال: ﴿وَاتَّبِعْ أَدْبَارَهُمْ﴾ (٢) على أن موسى غفل عن هذا الأَمر مبادرة منه إِلى رضا الله ﷿. ومسارعة إِلى الميعاد مع الرحمن وذلك شأْن الموعود بما يسره، يود لو ركب إِليه أَجنحة الطير، ولا أَسَرَّ من مواعدة الله تعالى له .

﴿قَالَ فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِنْ بَعْدِكَ وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُّ﴾

[المفردات]

﴿فَتَنَّا﴾: اختبرنا وابتلينا. ﴿السَّامِرِيُّ﴾: نسبة إِلى سامراءَ، وينسب بعض الباحثين السامرى إِلى طائفة معروفة من اليهود باسم السامريين، وهم الآن طائفة صغيرة من اليهود تقيم في نابلس وتخالف سائر اليهود في عاداتها وتقاليدها (٣).


(١) راجع تفسير الآية ١٤٢ من سورة الأعراف من التفسير الوسيط.
(٢) الحجر، من الآية ٦٥
(٣) راجعه في قصص الأنبياء للشيخ النجار.