(سُوءُ الدَّارِ): أَي سوءُ عاقبة الدار الدنيا، أَو هو من إِضافة الصفة للموصوف، أَي الدار السيئة، وهي جهنم فهي دارهم ومأْواهم -وبئست الدار والمأْوى. (يبْسُطُ الرزْق): يوسعه. (ويَقْدِرُ): يضيق. (مَتَاعُ): شئٌ قليل يتمتع به، كزاد الراكب.
بعد أَن بينت الآيات السابقة حال أَهل الوفاءِ بعهد الله وحسن مآلهم، جاءَت هذه الآية لتبين سوءَ حال من يتصفون بنقائض صفاتهم وسوءَ مآلهم يوم الجزاءِ، وقد تحدثنا في الآيات السابقة عن الوفاءِ بعهد الله بشيءٍ من التفصيل، وتحدثنا هنا في المفردات عن معنى هذا العهد إِجمالا، ونَزِيد عليه ما ذكره الإِمام الرازى فنقول: فسر الرازى عهد الله بما أَلزمه عباده عن طريق الأَدلة العقلية؛ لأَن ذلك أَوْكَدُ من كل عهد ومن كُلِّ أَيْمان، إِذ الأَيمانُ إنما تفيد التوكيد بواسطة الدلائل الدالة على أنها توجب الوفاءَ بمقتضاها، ثم قال والمراد من نقضها أَن لا ينظر المرءُ فيها فلا يمكنه حينئذ العمل بموجبها أَو بأَن ينظر ويعلم صحتها ثم يعاند فلا يعمل بعِلمه، أَو بأَن ينظر في الشبه فلا يعتقد الحق، والمراد بقوله سبحانه:(مِن بَعْدِ مِيثَاقِهِ) من بعد أَن أَوثق الله تلك الأَدلة وأَحكمها بدلائل أُخرى عقلية أَو سمعية، لأَنه "شيء أقوى مما دَل على وجوبه في أَنه ينفع فعله ويضر تركه": اهـ باختصار، ونقل الآلوسى عن بعض العلماءِ تفسيره للعهد بما أَوصى الله به عباده من التكاليف، وتفسيره للميثاق بالإِقرار والقبول -أَي من بعد إِقراره وقبوله.
ومعنى الآية إِجمالا: والذين لا يعملون بما كلفهم الله به عن طريق الأَدلة العقلية والنقلية، من بعد ما أَكد الله تلك التكاليف بمختلف الأَدلة، ويقطعون ما أَمر الله بوصله من الإِيمان بجميع الأَنبياءِ الذين بعثهم الله بالحق هُدَاةً إِلى البشر، فتراهم يؤمنون ببعضهم ويكفرون ببعض آخر، كما يفعله أَهل الكتاب حيث يكفر اليهود بعيسى ومحمد