يتجلجل في الأرض إلى يوم القيامة" وللتجلجل معان، منها: الذهاب في الأرض، والتضعضع، وشدة الصوت، والوعيد، والأخير هو أنسبها؛ فهُو في وعيده وعقابه إلى يوم القيامة، وهناك يعذب عذاب الكافرين حيث يخلد في النار.
ولم نجد أحدًا من المفسرين تحدث عن الأرض التي خسف به وبداره فيها، ويوجد في محافظة الفيوم بحيرة صغيرة تسمى (بركة قارون) فلعله وقومه كانوا يسكنون بهذه المنطقة، وأنه خرج على قومه في زينته بأرضها فغيبه الله وداره في جوفها، ونشأت بركة قارون بسبب هبوط الأرض هبوطًا شديدًا تحت مستوى المياه الجوفية، فسارعت المياه الجوفية فملأت مكان الخسف، ونشأت بذلك بركة نسبت إليه، لتكون آية على مكانه وشاهدا على عاقبة بغيه وكفره، ومعلوم أن بني إسرائيل قد كثروا بمصر حتى أصبحوا بها أمة، وقد أذلهم المصريون، واستخدموهم في بيوتهم وحقولهم، فلما جاء موسى برسالة إلى فرعون، وأظهره الله عليه استطاع أن يخفف عنهم ذل ألاسر والاستعباد فطلب إليهم أن ينفردوا ببيوت لهم يسكنونها مستقلين عن سادتهم من المصريين، وأن يكونوا مُتجاورين، وفي ذلك يقول لله - تعالى -: ﴿وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى وَأَخِيهِ أَنْ تَبَوَّآ لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتًا وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ﴾.
ولو صح استنباطنا من أنهم يسكنون بمنطقة الفيوم حيث بركة قارون، فإن ذلك لا يمنع من أن بيوتهم في مصر، فإن الفيوم إقليم مصري، ولعله كان له شأن في ذلك الزمان.
[السبب المباشر للخسف بقارون وداره]
يروى أنه كان كثير الإيذاء لموسى فصبر عليه؛ لأنه كان ابن عمه حتى اتهمه بالزنى في محضر من قومه فبرأه الله وحكَّمه فيه، وفي ذلك روى ابن أبي شيبة في المصنف، وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه، وابن مردويه عن ابن عباس "أن قارون كان ابن عم موسى ﵇ وكان يتتبع العلم حتى جمع علمًا، فلم يزل في ذلك حتى بغى على موسى ﵇ وحسده، فقال موسى: إن الله - تعالى - أمرني أن آخذ الزكاة، فأبى، فقال: إن موسى يريد أن يأكل أموالكم جاءكم بالصلاة، وجاءكم بأشياء فاحتملتموها، أفتحتملون أن تعطوه أموالكم؟ قالوا: لا نحتمل فما ترى؟ فقال لهم: أرى أن أرسل إلى