أَلم ييئس الأَقوام أَنى أَنا ابنه: وإِن كنت عن أَرض العشيرة نائيا.
وهو بهذا المعنى في لغة النخع -كما حكاه الفَرَّاءُ عن الكلبي- انظر القرطبى -وقيل في لغة هوازن كما قاله القاسم بن مِعْن، وسيأتى لذلك مزيد بيان في التفسير. (قارِعةٌ): مصيبة تصيبهم -من قَرعه إِذا أَصابه، والأَصل في القرع- الضرب، فكأَنها إِذ تصيبهم تدق قلوبهم وتضربها.
حكت الآية (٢٧) من هذه السورة اقتراحهم آيات كونية على الرسول، إِذ قالوا:"لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ"، ثم نعتْ تلك الآية المذكورة وما بعدها عليهم ضلالهم، وبينت أَن ذكر الله -وهو القرآن- تطمئن به القلوب، فهو خير لهم مما اقترحوه من الآيات، ووعدت المؤْمنين الصالحين بالجنة، وبينت لهم أَن الرسول إِنما أُرسل بمعجزة القرآن ليتلو عليهم الذي أُوحاه الله إِليهم، فهو المعجزة الباقية ما بقى الزمان دون سائر المعجزات، فإِنها تصبح خبرا بعد عين، وحكاية ترْوَى بعد الرسول الذي جاءَ بها. فتكون في الأَجيال التالية عرضة للتصديق والتكذيب: وما كذلك القرآن.
وجاءَت هذه الآية لتبين عظمة القرآن ورجحانه على ما يقترحونه من الآيات. يروى أَن نفرا من مشركى قريش فيهم أَبو جهل وعبد الله بن أَبي أَمية المخزوميان جلسوا خلف الكعبة، ثم أرسلوا إِلى رسول الله ﷺ، فأَتاهم فقال له عبد الله: إِنْ سَرَّك أَن نَتَّبعِك فَسَيِّر لنا جبال مكة بالقرآن، فأَذهبها عنا حتى تتسع أَرضنا الضيقة، واجعل لنا فيها عيونا وأَنهارا حتى نغرس ونزرع، فلست كما زعمت -بأَهون على ربك من داود حين سخر له الجبال تسير معه، وسخِّر لنا الريح فنركبها إِلى الشام نقضى عليها مِيرتَنَا وحوائجنا ثم نرجع من يومنا، فقد سخرت لسليمان الريح كما زعمت، فلست بأَهون على ربك من سليمان بن داود، وأَحْي لنا قَصَب (١) جدك أَو مَنْ شئت من موتانا نسأَله، أَحقٌّ