﴿وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ﴾: فمن لا يعلم أنه يأكلها بالباطل، لظنه أنه حق له وحكم له الحاكم بأخذها، فهي له حلال.
ولكن على المسلم أن يتحرى في كسبه البُعْد عن الشبهات، فإن الجهل بالجرائم لا يُبرر ارتكابها. وعبارة (وأنتم تعلمون) لإظهار بشاعة تعمد ارتكاب الآثام.
وسبب نزول هذه الآية، على ما رواه ابن أبي حاتم، عن سعيد بن جبير مرسلًا: أن عبد الله بن أشوع الحضرمي، وامرأ القيس بن عابس، اختصما في أرض، ولم تكن بينة، فحكم رسول الله ﷺ بأن يحلف امرؤ القيس، فهمّ به، فقرأ رسول الله ﷺ: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا﴾ (١) فارتدع عن اليمين، وسلم الأرض، فنزلت.
واستدل بالآية: على أن حكم القاضي لأحد بما ليس له، لا يجعله حلالًا في الواقع.
وجاء في ذلك حديث رواه البخاري ومسلم، عن أُم سلمة زوج النبي ﷺ أن رسول الله ﷺ قال:"إنما أنا بشر وأنتم تختصمون إلىَّ، ولعل بعضكم أن يكون أَلحنَ بِحُجَّتِهِ من بعض، فأَقضِيَ له على نحو ما أَسمعُ منه، فمن قضيتُ له بشيءٍ من حَقِّ أخيه، فلا يأخُذَنَّه، فإنما أقطعُ له قِطْعَةً من النار".