للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وحكى ابن عطية: أنَّ التقليد في العقائد مجمع على منعه. وحكى - فيه خلافًا - القاضي أبو بكر الباقلاني، وعثما بن عيسى، والشافعي وغيرهم.

هذا: والآيات السابقة تنهض بالعقول، وتحميها من إسار التبعية والتقليد للآخرين، وفقًا للقواعد المقررة في الإسلام: "أما ما زعمه الجهال كطائفة الحشوية من وجوب التقليد وحرمة النظر والاستدلال فباطل، لقوله تعالى: ﴿قُلِ انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ (١) وغير ذلك من الأدلة.

وتعتبر هذه الآيات مصدرًا لتكوين الشخصية المستقلة الجديرة بالمسلم، بحيث لا يكون إمعة، أو تابعًا لسواه دون رويّةٍ أو تفكيرٍ.

﴿وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لَا يَسْمَعُ إِلَّا دُعَاءً وَنِدَاءً صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَعْقِلُونَ (١٧١)

[المفردات]

﴿يَنْعِقُ﴾: يصيح، والنعيق: التصويت على البهائم للزجر.

﴿دُعَاءً وَنِدَاءً﴾: الدعاء والنداء: استدعاء الآخرين. فهما بمعنى واحد، وقيل: الأول: لطلب القريب، والثاني لطلب البعيد.

﴿صُمٌّ﴾: لا يسمعون.

﴿بُكْمٌ﴾: لا يتكلمون.

[التفسير]

١٧١ - ﴿وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لَا يَسْمَعُ إِلَّا دُعَاءً وَنِدَاءً صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَعْقِلُونَ﴾:

بينت الآية السابقة أنَّ الكفارَ يقلدون آباءَهم فيما هم فيه من الكفر، من غير تعقل، وأنَّهم إذا دعاهم داعٍ إلى ما أنزل الله أعرضوا، وأصروا على دين آبائِهم، ولو كان يعقلون شيئًا ولا يهتدون.


(١) يونس: ١٠١.