﴿رَجْمًا بِالْغَيْبِ﴾: رميا بالخبر الغائب الخفى عنهم. ﴿فَلَا تُمَارِ فِيهِمْ﴾: فلا تجادل فيهم، والمماراة المحاجة والجدال، قال الراغب: هي المحاجة فيما فيه مرية - أي تَرَدد - مأخوذ من مَرَيْتُ الناقة إِذا سمحت ضرعها للحَلْب. (إلاَّ مِرَاء ظَاهِرًا): إلَّا محاجة وجِدَالا بما هو ظاهر، وذلك بالاقتصار على ما نزل به الوحي من غير تجهيل لمن يحاورك فعهم، فقد يكون مصيبا والقرآن لم يستوعب قصتهم، بل جاءَ ببعضها.
﴿وَلَا تَسْتَفْتِ فِيهِمْ مِنْهُمْ أَحَدًا﴾: ولا تستفت في شأن أَهل الكهف أحدًا من الخائضين ولا ترجع إِليهم في قصتهم، ففيما أخبرناك به كفاية وغُنْية عن سؤالهم، فضلا عن أن ما يعرفون عنهم مشوب بالخطأِ.
﴿لِأَقْرَبَ مِنْ هَذَا رَشَدًا﴾: أي لأقرب وأظهر من نبأِ أصحاب الكهف من براهين نبوتك.
أَجمل الله فيما تقدم قصة أهل الكهف، وآخرها العثور عليهم وموتهم عقب التعرف عليهم، واعتزام من غلب على الأمر في أمَّتِهِم في ذلك الوقت أَن يبنى عليهم مسجدًا، وجاءت هذه الآية، لتبين أن بعض معاصرى النبي ﷺ من أهل الكتاب سيخوضون في قصتهم، وأنه تعالى نهاه عن أن يخوض معهم في أمرهم، وأن لا يزيد على ما أنزله الله إليه في شأنهم، وأن لا يستفتيهم في بيان أَمرهم أكثر بما نزل به الوحي، فليس بحاجة إلى ذلك، وليسوا هم على مستوى الفتوى في أَمر لا يعلمه إلا الله وقليل من عباده.
والمعنى: سيقول الخائضون في شأنهم من أهل الكتاب: أهْلُ الكهف ثلاثةُ أَشخاص من الرجال رابعهم كلبهم، ويقول آخرون منهم: هم خمسة سادسهم كلبهم، سيقول هؤلاء وأولئك ما قالوه في عددهم، رميا بالخبر الغائب من غير سند لما قالوه، ويقول جماعة