أَي فرح المنافقون الذين حملهم الكسل والنفاق على الاعتذار الكاذب عن الخروج إِلى غزوة تبوك، فرح هؤلاءِ بقعودهم عن الغزو بعد خروجه ﷺ وكرهوا أن يجاهدوا بأَموالهم وأَنفسهم في سبيل الله لا إيثارًا للراحة والسلامة فحسب، بل استجابة أَيضًا لما استقر في قلوبهم من النفاق الذي أَورثهم بغض الجهاد الذي تتحقق به أَشرف الغايات، ولم يكتفوا بتخلفهم عن الجهاد وفرحهم بهذا القبح، بل كانوا يثبطون غيرهم عن الخروج بقولهم لا تخرجوا في الحر وتتركوا بيوتكم، فإنكم لا تطيقون شدته، فأمر الله رسوله ﷺ أَن يرد على جهلهم بقوله تعالى:
﴿قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا﴾: أَي قل لهم أيها النبي: نار جهنم التي سيدخلونها بسبب نفاقهم وتخلفهم عن الجهاد هي أَشد حرا من الصيف الذي تخافونه وتحذَّرون الناس منه.
﴿لَوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ﴾: أَي لو كان هؤلاءِ المنافقون يدركون أَن نار الآخرة أَشد حرا،
لما فعلوا ما يستوجب العقاب بها، من تخلفهم عن الجهاد والاعتذار عنه بالأَباطيل، وحث غيرهم على عدم الجهاد في الحر.