للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وعليكم أن تطيعوه، ولا تعصوه .. وإن تظهروا ما في أنفسكم من المعاصي أمام الناس، فلا تبالوا بإظهاره أو تخفوه عنهم تقية أو أنفة، فإن الله تعالى يعلمه ويجازيكم به، فإنه يعلم السر، كما يعلم العلن.

(فَيَغْفِرُ لِمَن يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَن يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ):

أي فيغفر بفضله لمن يشاءُ أن يغفر له، ويعذب بعدله من يشاءُ أن يعذبه، والله على كل شيء قدير. ومن كان كذلك فهو قادر على حساب أهل العصيان، ومنح الغفران لمن يشاءُ، وحرمانه من يشاءُ، لا راد لفضله وعدله.

[الأحكام]

دلت الآية على أن الله - تعالى - عالم بما يعمله عباده. من أعمال: ظاهرة، أو مستورة عن العيون، أو مضمرة في القلوب، وأنه يحاسبهم عليها. فكل ذلك داخل تحت قوله تعالى: (إِن تُبْدُوا مَا فِي أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُم بِهِ اللَّهُ).

كما دلت الآية على أنه تعالى يغفر لمن يشاء من المؤمنين، ويعذب من يشاء من المذنبين.

ومن الأعمال القلبية التي يحاسب الله عليها: النفاق: بالإيمان، وبالعمل، وسوء الظن بالمسلمين، والحقد والحسد ونحو ذلك. ولا يدخل فيما يخفيه الإنسان ويحاسب عليه الوساوس، وحديث النفس، لأن ذلك ليس في وسع الإنسان اجتنابه، والله تعالى يقول: "لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا" (١).

وفي ذلك يقول النبي كما رواه أصحاب الكتب الستة عن أبي هريرة قال: قال رسول الله :

"إن الله تجاوز لي عن أمتي ما حدثت بها نفسها، ما لم تتكلم، أو تعمل".

بل إن المؤمن لو تجاوز حديث النفس إلى الهَمِّ بالمعصية، ثم عدل عن فعلها فلا تكتب عليه. وفي ذلك يروي الشيخان (٢)، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله - صلى الله


(١) البقرة: من الآية الأخيرة.
(٢) واللفظ لمسلم.