للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿سَابِغَاتٍ﴾: واسعات ضافيات.

﴿قَدِّرْ﴾: أَحْكِمْ أَو اقتصد. (السَّرْدِ): نسج الدروع.

[التفسير]

١٠ - ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ مِنَّا فَضْلًا يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ … ﴾ الآية:

أشارت الآيات السابقة على هذه الآيات إلى إنكار المشركين أَمر البعث، واستبعاد حصوله. فجاءَت هذه الآيات تبرز قدرة الله - تعالى - في معرض فضله على أنبيائه بما لا يمكنهم إنكاره بعد أَن فاضت به أَخبارهم وأَشعارهم. وفي ذكر ذلك بعد ذكر تكذيب المكذبين للنبي ما يشير إلى صدق رسالة محمَّد وأن إرساله لم يكن بدعًا، بل كان مما جرت به سنة الله قبله في الأَرض من إرسال الرسل قبله وتأْييدهم بالمعجزات. وإحلال العقاب بمن خالفهم.

والمعنى: ولقد آتينا وأَعطينا داود من عندنا نعمة وإحسانا، لحسن إنابته وصدق توبته بما منحناه من الملك، وفصل الخطاب، وغير ذلك، وقوله تعالى: ﴿يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ﴾ تَفْصِيل لبعض الفضل الذي أَعطاه الله إياه، ومعناه: يا جبال رجعي معه التسبيح كلما سبح. روى أَنه كان إذا سبح سبَّحت الجبال مثل تسبيحه بصوت يسمع منها، ولا يعجز الله - جلت قدرته - أَن يجعلها بحيث تسبح بصوت يسمع - وقد سبح الحصى في كف رسولنا وسمع تسبيحه، فلا يبعد ما قيل: من أَن الله ﷿ خلق فيها الفهم وناداها وأمرها بذلك كما ينادي أُولي الفهم ويأْمرهم، وأنها امتثلت ما أُمرت به. وقيل: المعنى ارجعي إلى مراده فيما يريد من حفر واستنباط أَعين، واستخراج معدن وإنشاء طريق، وقوله تعالى: ﴿وَالطَّيْرَ﴾ معناه: وسخرنا له الطير؛ لأَن إيتاءَها إياه هو تسخيرها له، وفي تنزيل الجبال والطير منزلة العقلاء المطيعين لأمره المذعنين لحكمه، ما يشعر بأَنه مَا مِنْ حيوان ولا جماد، ولا صامت ولا ناطق، إلا وهو منقاد إلى مشيئة الله - تعالى -