للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[التفسير]

٢٤٧ - ﴿وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكًا … ﴾:

أي قال لهم نبيهم: إن الله قد اختار لكم طالوت ملكًا يدبر أمركم، وتصدرون عن رأيه في القتال، واسمه في العهد القديم: شاول (١)، ولم يكن طالوت من سبط الملك - يهوذا - ولا من سبط (لاوى) الذي فيه الأنبياءُ، ولا من الأغنياء، ولهذا ضاقت نفوسهم به، فاعترضوا على تنصيبه ملكًا عليهم.

﴿قَالُوا أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِّنَ الْمَالِ﴾:

أي قالوا لنبيهم - مستنكرين - كيف يتملك علينا ذلك الرجل وهو لا يستحق الملك في نظرنا، لوجود من هو أحق بالملك منه بيننا، فنحن الملأ من بني إسرائيل ﴿أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ﴾: نَسَبًا وَحسبًا! ولأَنه لم يؤْت سعة من المال، وتلحقه بالأشراف. والملك عندهم، يتوقف على الحسب واليسار. ونسوا أنهم سألوا الله أن يبعث لهم ملكًا يلي أمرهم، ويقودهم في حربهم، وأن الله هو الذي اختاره لهم - لا النبي - ولا مَلِك أَصلح لهم ممن اختاره الله، فلا سبيل إلى تغييره.

﴿قَالَ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ﴾:

واختاره ملكًا لكم، والله أعلم به منكم، وذكر لهم مزاياه التي ترشحه للملك فقال:

﴿وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ﴾:

أي سعة فيهما. وهاتان الميزتان أصلح للملك من سواهما.

﴿وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَن يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ﴾:

أي والله وحده صاحب الخيرة: لا يُسأل عَما يَفعل: يؤتى ملكه من يشاءُ من خلقه، بمقتضى حكمته، وينزعه عمن يشاءُ من خلقه. (وَاللَّهُ وَاسِعٌ): فضله، يختص برحمته وحكمته من يشاءُ. ﴿عَلِيمٌ﴾: بمن يستحق الملك والقيادة ممن لا يستحقه.


(١) راجع قصة في العهد القديم: سفر صموائيل الأول من الإصحاح الثامن، والحادي عشر.