لما بيَّن الله سبحانه - فيما تقدم - أَن من أَهل الكتاب مؤمنين. وأن أكثرهم فاسقون. وفصَّل قبائح الفاسقين - ناسب أَن يعدد فضائل المؤمنين. ومهد لذلك بنفى المساواة بين الفريقين بقوله:
﴿لَيْسُوا سَوَاءً﴾:
أَي: ليس أهل الكتاب متساوين في هذه الأوصاف القبيحة.
ثم شرع في تعداد فضائل المؤمنين منهم فقال:
﴿مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ﴾. أَي: جماعة مستقيمة على الحق. وهم الذين أسلموا منهم.
وهذه الصفات التي وصفهم الله بها. لم تكن موجودة في الفريق الآخر منهم. فقد انحرفوا عن الحق. ولم يعبدوا الله في جوف الليل، وأشركوا به، وألحدوا في صفاته، ووصفوا اليوم الآخر بخلاف وصفه. ولم يأمروا بالمعروف ولم يتناهوا عن منكر فعلوه، ولم يسارعوا في فعل الخيرات. فلذلك لا يستوون - عند الله - مع من آمن منهم. كما حكم الله بذلك.
وقد ختمت الآية بقوله تعالى:
﴿وَأُولَئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ﴾؛ تأْكيداً لاستقامة أمر تلك الجماعة المؤمنة منهم؛ وِإيذاناً بفساد الفرقة التي لم تؤمن.