للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[المفردات]

(وَجْهَ النَّهَارِ): أوله سمى وجها، لأنه أول ما يواجهك منه.

(أَن يُؤْتَى أَحَدٌ مِّثْلَ مَا أُوتِيتُمْ): أي كراهة أن يؤتى أحد مثل ما أُوتيتم.

(أَوْ يُحَاجُّوكُمْ عِندَ رَبِّكُمْ): أي يحاجوكم به عند كتاب ربكم: بالتحاكم إليه.

[التفسير]

٧٢ - ﴿وَقَالَت طَّائِفَةٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آمِنُوا بِالَّذِي أُنزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَجْهَ النَّهَارِ وَاكْفُرُوا آخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾:

سبب النزول:

قال الحسن والسدي: تواطأَ اثنا عشر رجلا: من أحبار يهود خيبر وقرى عُرَيْنَة.

وقال بعضهم لبعض: ادخلوا في دين محمد أول النهار - باللسان دون الاعتقاد - واكفروا آخره، وقولوا: إننا نظرنا في كتبنا وشاورنا علماءَنا فوجدنا محمدًا ليس بذاك، وظهر لنا كذبه وبطلان دينه. فإذا فعلتم ذلك، شك أصحابه في دينهم. وقالوا: إنهم أهل كتاب. وهم أعلم به. فيرجعون عن دينهم إلى دينكم … انتهى.

دبر اليهود هذه المكيدة: التي حكاها سبب النزول، على عادتهم في تدبير الكيد لمن عداهم. وأنت ترى أنها مكيدة خبيثة. ولكن الله يحفظ منها أولياءَه فإنه سبحانه: " … لَا يَهْدِي كَيْدَ الْخَائِنِينَ" (١) "وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ" (٢) فقد فضحهم المولى . فأنزل هذه الآية تنبيها لرسوله وللمؤمنين. وحفظ الله الإسلام من هذه المكيدة الشنعاء: "يُرِيدُونَ أَن يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأبَى اللَّهُ إِلَّا أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ" (٣).

والمعنى: وقالت طائفة من أهل الكتاب - وهم أحبار اليهود - لآخرين من قومهم: آمِنُوا ظاهرا بالقرآن الذي أُنزل على المؤمنين أول النهار، واكفروا آخره .. لعل هؤلاء


(١) يوسف: ٥٢.
(٢) آل عمران: ٥٤.
(٣) التوبة: ٣٢.