بعد أَن ذكرت الآيات السابقة أَحوال أَهل النَّار من الكفرة، جاءَت هذه الآية لتبشر المتقين بأَن لهم في الآخرة مغفرة وأَجرًا كبيرًا.
والمعنى: إِن الذين يخافون عذاب ربهم غائبًا عنهم أَو غائبين عنه لأَنه مستقبل وغيب لا سبيل إِلى رؤْيته، أَو غائبين عن أَعين النَّاس غير مرائين بخشيتهم لربهم، أَو يخشونه بما خفي منهم وهو قلوبهم، لهم مغفرة عظيمة لذنوبهم، وثواب كبير لا حد لكبره.
الخطاب هنا لجميع عباد الله لتعريفهم سعة علمه - تعالى - من غير حدود، وأَنه لا فرق عنده - سبحانه - بين السر والجهر، فهما عنده على سواء.
ومعني الآيتين: وأَسروا يا عباد الله قولكم واجعلوه خفيًّا أو اجهروا به وأَعلنوه فإِن الله تعالى بكليهما عليم؛ فهو - سبحانه - واسع العلم بمضمرات جميع الخلائق وأَسرارهم المستكنة في صدورهم لا تفارقها، فكيف تخفى أَعمالكم وأَقوالكم التي يجازيكم عليها.
أَلا يعلم ذلك من أَوجد بحكمته جميع الأَشياءِ التي هي من جملتها، والحال أنه تعالى هو العالم بخفايا الأُمور، الخبير بما يستجد منها.