١٩١ - ﴿أَيُشْرِكُونَ مَا لَا يَخْلُقُ شَيْئًا﴾: أَي أَبعد أَن منح الله هؤلاء المشركين العقل وأَرسل إِليهم رسوله محمدا ﷺ، داعيا إِلى توحيد الله، وسراجا منيرا، أَبعد هذا كله يشركون معه سبحانه في الألوهية صنما أَو غيره من مخلوقات الله مما ليس له قدرة على أَن يخلق شيئًا ولو كان ذبابا ﴿وَهُمْ يُخْلَقُونَ﴾: أَي والحال أَن ما عبدوهم يُخْلَقُون، والمخلوق يكون محتاجا إلى غيره فلا يصلح أَن يكون إِلهًا معبودا.
وقد أَفاد أسلوب الاستفهام في الآية الكريمة الإِنكار عليهم، والتعجيب من حالهم وتوبيخهم على أَن أَشركوا مع الله ما لا يصلح أَن يكون إِلهًا، كما نَبَّه على سخافة عقولهم، وبطلان عقيدتهم.
ثم بين القرآن الكريم: أَن هذه الأَصنام التي لم تخْلُقْ شيئًا بل إِنها مخلوقة وعاجزة، لا تنفع غيرها ولا تدفع التفسير عن نفسها فقال تعالى:
أَي ولا يستطيع هؤلاء الشركاء دفع أَي ضر ينزل بمن عبدوهم مع الله ولا تحقيق أَي نفع لهم، بل ولا يستطيعون نصر أَنفسهم بدفع أَي معتد عليهم، وإِن بلغ هذا المعتدى غاية الضعف كالذباب أَو ما هو دون الذباب قال تعالى: ﴿وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لَا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ﴾ (١) وفي هذا بيان لتمام عجزهم وغاية ضعفهم.
ثم انتقل القرآن الكريم يبين عجزهم عما هو أَيسر من نصر أَنفسهم وعابديهم، وهو مجرد إِرشاد عابديهم إِلى طريق مطالبكم دون تحصيلها فقال تعالى:
أَي وإِن تدعوا أَيها المشركون آلهتكم من دون الله لهدايتكم وإِرشادكم إلى مصالحكم .... لا يَتبعوكم إِلى مرادكم ولا يجيبوا لكم طلبا بإِرشادكم، ولا يحققوا لكم رغبة، كما يحقق الله رغبة العباد إِذا لجأُوا إِليه، فالخطاب للمشركين، وضمير "هم" لآلهتهم،