للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[التفسير]

٤٣ - ﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحَابًا ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَامًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ … ﴾ الآية.

بيّن الله في الآية السابقة أَنه تعالى له ملك السموات والأرض، وعقبها بهذه الآية ليبين نوعًا من سلطانه وملكه وتصرفه فيهما، تأْكيدا لملكه لهما.

والمقصود من الاستفهام في قوله تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ﴾ التنبيه إِلى آيات الله التالية للاستفهام المذكور، والحث على رؤيتها، أَو التقرير بها.

والخطاب فيه: إِما لرسول الله وخطابه خطاب لأُمته؛ لأَنه إمامها، وإِما لكل مَنْ هو أَهل للخطاب من المكلفين، والرؤية هنا إِما بصرية، لأَن تحريك السحب وما يتلوه من آثار أَمْرٌ مرئيٌّ لكل ذى عينين،، وإِما علمية لذوى البصيرة والتأَمل ولو على سبيل الإِجمال.

والسحاب: واحده سحابة، ويتكون من بخار الماء الصاعد إِلى طبقات الجو العليا، وينشأْ هذا البخار من تسلط حرارة الشمس على المياه في نواحى الأَرض المختلفة، فإِن بقى هذا البخار بيننا ولم يرتفع إلى الطبقات العليا، فهو الضباب، فكلاهما ناشيءٌ من بخار الماءِ (١).

والله - تعالى - يزجى السحاب المتفرق، أَي: يسوقه من مواطنه المختلفة شيئًا فشيئًا، ثم يؤلف بين جزئياته ويضمها، ثم يجعله متراكما بعضه فوق بعض.

ولِلْوَدْقِ في اللغة معنيان: أَحدهما المطر، وبه قال الجمهور في تفسيرهم إِياه في الآية، وشاهِدُه قول الشاعر:

فلا مُزْنَةٌ وَدَقَتْ وَدْقَهَا … ولا أَرْضَ أبْقَلَ إِبقالَها

وقال امرؤ القيس: فَدَمْعهُمَا وَدْقٌ وَسحٌّ ودِيمَةٌ (٢).


(١) ومن ثم قال العلماء: الضباب: سحاب أنت فيه، والسحاب: ضباب لست فيه.
(٢) السح: السائل. والديمة: الدائم.