عملوه وإن لم يتيسر لم يتبعوه ويهتموا بأَمره، ونفاق المرجفين وهم منافقون يكابرون النساء يقتصون أثرهن فيغلبوهن على أنفسهن فيفجرون بهن، وهؤلاء الذين يكابرون النساء يقول الله فيهم: ﴿لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ﴾ أي: لنحرضنك عليهم، ثم يصفهم بكونهم ملعونين، ويبين عقابهم بقوله: ﴿أَيْنَمَا ثُقِفُوا﴾ أي: في أَي مكان وجدوا يعملون هذا العمل الشائن، ﴿أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلًا﴾: ثم قال السدى: هذا حكم في القرآن ليس يعمل به، لو أن رجلًا فما فوقه اقتصوا أَثر امرأَة فغلبوها على نفسها ففجروا بها كان الحكم فيهم غير الجلد والرجم، وهو أَن يؤخذوا فتضرب أَعناقهم، ﴿سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ﴾: كذلك كان يفعل بمن مضى من الأُمم، ﴿وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا﴾: فمن كابر امرأَة على نفسها فغلبها فقتل فليس على قاتله دية؛ لأَنه يكابر. اهـ.
وما ذهب إليه السدى له تقديره ووجاهته، فإنه الأَولى والأَجدر أن يعامل به هؤلاء الذين يسعون في الأَرض فسادًا ويغتصبون النساء وينتهكون أَعراضهن غير عابئين ولا مبالين بالعقوبات غير الرادعة، ولا خائفين من بطش الله وأخذه، غير أنه لا يترك أمر عقاب وقتل من يفعل ذلك لعامة الناس، بل لا بد من الرجوع في ذلك إلى القاضي - شأْن سائر العقوبات والزواجر - حتى لا يتخذ الناس ذلك ذريعة وتَعِلَّةً للنيل من خصومهم وإهدار دمائِهم.