وللخليفة معنى آخر؛ هو الحاكم ومنه قوله تعالى في: ﴿يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ … ﴾ (١) ويكون المعنى على هذا: أن الله سبحانه، خلق لآدم وذريته ما في الأرض جميعًا، وسخره له، وجعله حاكما عليها لينشر فيها العدل، بما هداه الله إِليه من العلم.
﴿وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ﴾: أي يريقها والسفك مختص بالدم.
﴿نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ﴾: نُبْعِدُ عنك ما لا يليق بك، اعتقادا أو قولًا وعملًا: متلبسين بحمدك، من سبح في الماء إِذا أَبعد فيه.
﴿وَنُقَدِّسُ لَكَ﴾: أي ننزهك عمَّا لا يليق بك، من أجل ذاتك.
القصة المذكورة في هذه الآية - من خلق آدم ﵇، وجعله خليفة في الأرض- تتصل بذكر النعم السابقة من الله تعالى على الناس.
فإن خلق آدم وتكريمه، وتفضيله على الملائكة، وأَمرهم بالسجود له، كل ذلك: إِنعام من الله تعالى على أبيهم، ونعمة الآباء، نعمة على الأبناء.
وهذا توجيه ربط الآية بما قبلها.
وكلمة ﴿أذْ﴾ هنا: للظرفية في الماضي. أي: وا ذكر وقت أن قال ربك للملائكة.
وتوجيه الأمر بالذكر إِلى الوقت- دون ماوقع فيه من الحوادث مع أنها المقصودة بالذات- للمبالغة في إيجاب ذكرها.
والمقصود: تنبيه الكافرين إلى تذكر قصة خلق آدم ﵇؛ لينبَّهوا لبطلان ما هم فيه من الكفر بالرسول؛ وينتهوا عنه؛ فإن في هذه القصة من الغيبيات ما لا يعلمه إلا نبي موحى إليه من ربه.
وفي التعرض لعنوان الربوبية المنبئة عن التبليغ إلى درجة الكمال - مع إضافته إلى ضمير خطاب النبي ﵊ إِشارة إِلى مقام التشريف والتعظيم من الله تعالى لنبيه محمد ﵊.