يخبر الله تعالى أَن جميع ما في السموات وما في الأَرض من الحيوانات والنباتات وغيرهما يُسبحه - جلَّ وعَلَا - وينزهه عمَّا لا يليق به ويمجده ويُقدسه ويُصلِّي له ويُوحِّده ويدلّ عليه وهو - سبحانه - وحده الغالب على كل شيء الذي خضع له كل شيء وهو ذو الحكمة البالغة يضع الشيء في موضعه.
المعنى: يا أَيها الذين آمنوا لأَي شيءٍ تقولون بأَلسنتكم ما لا تصدقه أَفعالكم، وما لا تفعلونه من الخير والمعروف، على أَن مدار التوبيخ في الحقيقة عدم فعلهم، وإِنما وُجِّه إِلى قولهم تنبيها على تضاعف معصيتهم.
قال الزمخشري: هذا الكلام تناول الكذب وإِخلاف الوعد، روي أَن المؤْمنين قالوا قبل أَن يؤْمروا بالقتال: لو نعلم أَحب الأَعمال إِلى الله لعملناه، ولبذلنا فيه أَموالنا وأَنفسنا، فدَلَّهم الله على الجهاد في سبيله فَوَلَّوْا يوم أُحد فعيَّرهم، وقيل: لما أخبر الله بشهداءِ بدر قالوا: لئن لقينا قتالًا لنُفْرِغن فيه وُسْعَنا ففروا يوم أُحد، ولم يَفُوا وقيل: كان الرجل يقول: قتلت ولم يقتل، وطعنت ولم يطعن، وقيل: كان قد آذى المسلمين رجل فقتله صُهيب وانتحل قتله آخر، فقال عمر لصُهيب: أَخبر الرسول أَنك قتلته، فقال: إنما قتلته لله ولرسوله، فقال عمر: يا رسول الله قتله صهيب، قال: ذلك يا أَبا يحيى قال: نعم فنزلت في المُنْتحِل، وعن الحسن: نزلت في المنافقين، ونداؤهم بالمؤْمنين في الآية الكريمة (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا) تهكم بهم وبإِيمانهم.