فقد جاء العطف فيها بالفاء التي تدل على الفورية وسرعة المبادرة؛ لأنه علم أن الله قد فتنه وابتلاه، ومن فور علمه استغفر وأناب لأن اللائق في هذا المقام المسارعة إلى الإنابة.
بين - سبحانه - إنابة سليمان ورجوعه إلى ربه بقوله: ﴿قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي﴾ دعا سليمان ربه أن يغفر له ويصفح عنه ولا يعاقبه أو يحاسبه على ما بدر منه من ترك ما هو أولى به أن يفعله، وقدم ﵇ الاستغفار - وإن كان مقصودًا لذاته - ليكون وسيلة إلى طلب الملك، فمن كمال العبودية أن يقدم الإنسان الاعتراف بالذنب والاستغفار منه ليمحى أثره ويكون دعاؤه أرجى للقبول، ثم طلب ﵇ من ربه أن يمنحه ملكا عظيما لا يدانيه ملك أحد غيره، ولا يسلب منه ويعطى لسواه، وقد طلب سليمان ذلك عن ربه واستوهبه إياه، لتكون استجابة الله له أمارة على قبول إنابته وعلامة على غفران الله ما تركه من النطق بقوله: إن شاءَ الله عندما أحب أن تأتى نساؤه بفرسان يجاهدون في سبيل الله كما مر بيانه.
وقيل: إن سليمان ﵇ لم يطلب من ربه هذا الطلب إلا بعد أن أمره الله بطلبه لأنه - سبحانه - علم أنه لا يستطيع أن يضطلع بهذا الملك ويقوم على تصريف