﴿خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ﴾: أي أغلقها ومنعها عن قبول الهدى، بسبب إصرارهم على الكفر. والمقصود أنه تعالى لم يوفقهم إلى الإيمان بسبب عنادهم.
﴿وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ﴾: أي غطاء، وهذا كناية عن عدم انتفاعهم بالآيات الكونية المرئية: الدالة على وحدانية الله تعالى، كما لا ينتفع الأعمى بالمرئيات لغيره.
بعد أن وصف الله المؤمنين الصادقين، في أربع آيات، صدرت بهن السورة، أتبعها وصف الكافرين، فخصهم بآيتين، لبيان حالهم ومآلهم.
فهنا في هذه الآية: إخبار من الله تعالى عن قوم، علم الله أَزلا: أنهم لا يؤْمنون، وأن الإنذار وعدمه سواء عندهم، لأن ظلمة الكفر حجبتهم وتحجبهم عن نور الإيمان.
وقد يقال: إذا علم الله أزلًا كفرهم باختيارهم السَّيِّئ، وأَخبر عنهم بأنهم لا يؤْمنون فما فائدة الإنذار، وتوجيه الدعوة إليهم؟
والجواب: أن الإنذار لإقامة الحجة عليهم، حتى لا يقولوا: ما جاءنا من بشير ولا نذير، ولتحقيق عموم الرسالة، وليثاب الرسول على توجيه الدعوة إليهم، وإن لم يستجيبوا.
هذا والكفر نوعان: كفر إنكار لله قلبا ولسانا، ككفر فرعون. وكفر إباء وامتناع: وهو أن يعرف الله بقلبه ولا يقر بلسانه، أَو يغر بلسانه ويكفر بحقوقه ويأباها، ككفر إبليس، ومن على شاكلته من البشر، وكلاهما يؤَدئ إلى الخلود في النار.