وشدة عضده كناية عن تقويته لأن الجسد يشتد بشدة العضد - وهو ما بين المرفق إلى الكتف وقوله تعالى: ﴿وَنَجْعَلُ لَكُمَا سُلْطَانًا﴾ معناه: ونجعل لك ولأخيك تسلطا وغلبة عليهم فلا يقوون على تكذيبكم، وتمتنعون عليهم فلا يصلون إليكما باستيلاء أو محاجة.
وقوله تعالى: ﴿بِآيَاتِنَا﴾ يجوز أن يكون متعلقا بـ ﴿نَجْعَلُ﴾، أو بـ ﴿لَا يَصِلُونَ﴾، والمعنى: أنت يا موسى وأخوك هرون ومن اتبعكما - أنتم - الغالبون بآياتنا، الممتنعون بقوتنا فلا سبيل لفرعون وقومه إلى الوصول إليكما بأذى.
وبهذه العدة من الله اشتد عضد موسى ﵇ وقوى عزمه، وتسامت همته إلى مواجهة طغيان فرعون وملئه، وتحطيم إلاهيته، كما تمت نعمة الله على هرون بإرساله، بفضل طلب موسى لذلك من ربه، ولهذا قال بعض السلف: ليس أحد أعظم منة على أخيه من موسى على هرون ﵉ فإنه شفع فيه حتى جعله الله نبيا ورسولا معه إلى فرعون وملئه.
﴿بَيِّنَاتٍ﴾: واضحات الدلالة على رسالة موسى. ﴿مُفْتَرًى﴾: مختلفا لم يحدث قبل هذا مثله، أو سحر تفعله أنت ثم تكذب به على الله. ﴿الْأَوَّلِينَ﴾: السابقين.
أي: فلما جاء موسى بآيات الله ومعجزاته الواضحات أنكرها فرعون ومَلَؤه، وكذبوها، وقالوا: ما هذا الذي جئت به إلاَّ سحر مختلق لم يفعل مثله قبله، أو سحر تفعله أنت من عند نفسك ثم تفتريه على الله وتكذب، وزادوا في العناد والكفر والإنكار فقالوا: وما سمعنا بهذه النبوة التي تدعيها في آبائنا السابقين علينا، ولا وقع فيهم مثل هذا القول.