للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وشدة عضده كناية عن تقويته لأن الجسد يشتد بشدة العضد - وهو ما بين المرفق إلى الكتف وقوله تعالى: ﴿وَنَجْعَلُ لَكُمَا سُلْطَانًا﴾ معناه: ونجعل لك ولأخيك تسلطا وغلبة عليهم فلا يقوون على تكذيبكم، وتمتنعون عليهم فلا يصلون إليكما باستيلاء أو محاجة.

وقوله تعالى: ﴿بِآيَاتِنَا﴾ يجوز أن يكون متعلقا بـ ﴿نَجْعَلُ﴾، أو بـ ﴿لَا يَصِلُونَ﴾، والمعنى: أنت يا موسى وأخوك هرون ومن اتبعكما - أنتم - الغالبون بآياتنا، الممتنعون بقوتنا فلا سبيل لفرعون وقومه إلى الوصول إليكما بأذى.

وبهذه العدة من الله اشتد عضد موسى وقوى عزمه، وتسامت همته إلى مواجهة طغيان فرعون وملئه، وتحطيم إلاهيته، كما تمت نعمة الله على هرون بإرساله، بفضل طلب موسى لذلك من ربه، ولهذا قال بعض السلف: ليس أحد أعظم منة على أخيه من موسى على هرون فإنه شفع فيه حتى جعله الله نبيا ورسولا معه إلى فرعون وملئه.

﴿فَلَمَّا جَاءَهُمْ مُوسَى بِآيَاتِنَا بَيِّنَاتٍ قَالُوا مَا هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُفْتَرًى وَمَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي آبَائِنَا الْأَوَّلِينَ (٣٦)

[المفردات]

﴿بَيِّنَاتٍ﴾: واضحات الدلالة على رسالة موسى. ﴿مُفْتَرًى﴾: مختلفا لم يحدث قبل هذا مثله، أو سحر تفعله أنت ثم تكذب به على الله. ﴿الْأَوَّلِينَ﴾: السابقين.

[التفسير]

٣٦ - ﴿فَلَمَّا جَاءَهُمْ مُوسَى بِآيَاتِنَا بَيِّنَاتٍ … ﴾ الآية.

أي: فلما جاء موسى بآيات الله ومعجزاته الواضحات أنكرها فرعون ومَلَؤه، وكذبوها، وقالوا: ما هذا الذي جئت به إلاَّ سحر مختلق لم يفعل مثله قبله، أو سحر تفعله أنت من عند نفسك ثم تفتريه على الله وتكذب، وزادوا في العناد والكفر والإنكار فقالوا: وما سمعنا بهذه النبوة التي تدعيها في آبائنا السابقين علينا، ولا وقع فيهم مثل هذا القول.