للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقد بين الله هنا: أنه تعالى كافأَه على هذا الإتمام، بأن جعله للناس - عامة - إمامًا يؤتم به، وقدوة يُقتدى به في جميع العصور والأجيال والمل لمن بعده. بخلاف كل نبي، فإمامته خاصة بأُمته، ولهذا جيءَ به موعظة وزجرًا لأهل الكتاب والمشركين: الزاعمين أنهم يسيرون على منهاجه.

ولما بشر إبراهيم بهذه المكافأة، طلب إبراهيم مثلها لبعض ذريته فقال: ﴿وَمِنْ ذُرِّيَّتِي﴾ أي واجعل بعض ذريتي إمامًا للناس، وهو كعطف التلقين، كما يقال: سأكرمك، فتقول: وزيدًا، فتكون الجملة دعائية - فرد الله عليه قائلًا: ﴿لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ﴾ أي: لا يدرك عهدي بالنبوة الظالمين العصاة، ولا يصيبهم، لأن الأنبياء معصومون من المعاصي.

وإطلاق الظالمين على العصاة، لأنهم ظلموا بمعاصيهم أنفسهم وغيرهم.

وقد حصلت بركة دعوته هذه لعدد من بنيه الصالحين، جعلهم الله أنبياء، وهذه القراءة: نصبت الظالمين مفعولًا لينال، و (عَهْدِي) فيها مرفوع محلًا على الفاعلية، أي لا يصيب عهدي - بالنبوة - الظالمين.

وقرأ قتادة والأعمش: (الظَّالِمُونَ) بالرفع فاعلًا لينال، وعهدي حينئذ مفعول.

والمراد من القراءتين واحد، إذ الفعل تصح نسبته إلى كل من العهد والظالمين، على الفاعلية أو المفعولية، فإن مانالك فقد نلته.

﴿وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ (١٢٥)

[المفردات]

﴿الْبَيْتَ﴾: المراد به الكعبة.

﴿مَثَابَةً لِلنَّاسِ﴾: مرجعًا لهم للعبادة. من ثاب بمعنى: رجع.