للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قال ابن العربي: وهذا عتاب منه على التوسع بابتياع اللحم والخروج عن جلف الخبز والماء؛ فإن تعاطى الطيبات من الحلال تستشره له الطباع وتستمرئه العادة، فإذا فقدتها استسهلت في تحصيلها بالشبهات حتى تقع في الحرام المحض بغلبة العادة واستشراه الهوى على النفس الأمارة بالسوء، فأخذ عمر الأمر من أوله وحماه من ابتدائه كما يفعله مثله.

والذي يضبط هذا الباب ويحفظ قانونه: على المرء أن يأكل ما وجد طيبا أو قفارًا (طعام بلا أُدم) ولا يتكلف الطيب ويتخذه عادة؛ وقد كان النبي يشبع إذا وجد، ويصبر إذا عدم، ويأكل الحلوى إذا قدر عليها، ويشرب العسل إذا اتفق له، ويأكل اللحم إذا تيسر، ولا يعتمد أصلًا ولا يجعله ديدنًا، ومعيشة النبي معلومة، وطريقة الصحابة - رضوان الله عليهم - منقولة، فأما اليوم عند استيلاء الحرام وفساد الحطام فالخلاص عسير، والله يهب الإخلاص، ويعين على الخلاص برحمته.

وقيل: إن التوبيخ واقع على ترك الشكر لا على تناول الطيبات المحللة، وهو حسن؛ فإن تناول الطيب الحلال مأذون فيه؛ فإذا ترك الشكر عليه واستعان به على ما لا يحل فقد أذهبه.

﴿وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالْأَحْقَافِ وَقَدْ خَلَتِ النُّذُرُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ﴾

[المفردات]

﴿وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ﴾: هو هود وكانت أخوته لعاد في النسب لَا في الدين.

﴿إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالْأَحْقَافِ﴾: وهي جمع حقف، وهو: ما استطال من الرمل العظيم واعوج ولم يبلغ أن يكون جبلًا، من احقوقف الشيء: إذا اعوج.